Author

حاميها حراميها

|
حتى تصل الحال ببلدان عديدة إلى حافة الإفلاس، فالأمر بلا شك يرتبط بملفات من الفساد وسوء إدارة المال العام والخاص على السواء. كما يجوز تحميل البنوك والمؤسسات الدولية جزءا من المسؤولية في عدم دراسة ملفاتها جيدا عندما كانت تقرض أو تضمن استدانة بلد ما من البنوك العالمية. تفتح حاليا اليونان والبرتغال وإيرلندا وإسبانيا وغيرها، تفتح ملفاتها التي تتشابه إلى حد بعيد مع ملفات سابقة لبعض بلدان أمريكا الجنوبية. دائما في تلك الملفات هناك شخصيات فاسدة في السلطة، مارست طرقا ملتوية وتلاعبت بأموال القروض وحملت عبء إعادتها على كاهل الشعب. في الأرجنتين على سبيل المثال وفي ثمانينيات القرن الماضي ساندت الحكومة وصندوق النقد الدولي مديونية البلاد الكبيرة، مبررة إياها بزيادة الاحتياطيات من العملات الأجنبية. لكن هذه الاحتياطيات لم تكن تدار أو تراقب من قبل المصرف المركزي الذي كان حاكمه دومينيجو كافايو. هذا الشخص هو نفسه الذي لعب دورا بالغ الضرر بالاقتصاد الأرجنتيني. فقد تولى رئاسة المصرف المركزي لمدة 45 يوما في 1982. عمل خلالها على أن تتحمل ميزانية الدولة مسؤولية ديون الشركات الخاصة. ولإنجازه الكبير في إغراق الميزانية بالديون أعيد تنصيبه كوزير للاقتصاد مرتين. كانت المرة الأولى في عهد كارلوس منعم. بين 1991 و1996 وكان أهم قراراته ربط العملة الأرجنتينية بالدولار، وإطلاق برنامج خصخصة واسع. أما المرة الثانية في 2001، لكنه حينها فرض جرعة تقشفية قاسية على معظم السكان متبعا توصيات صندوق النقد الدولي. (تماما كما يحصل في السيناريو اليوناني). ولتر كلاين، كان أيضا من الشخصيات التي جلبت الأضرار لاقتصاد البلد. احتل كلاين منصب وزير الدولة للتنسيق والتخطيط الاقتصادي من 1976 إلى 1981. كان الرجل في الوقت نفسه، يدير مكتب خاصا للدراسات والاستشارات، يمثل مصالح الدائنين الأجانب. حين بدأ مهامه كان مكتبه يمثل مصالح مصرف واحد، وعند مغادرته بات يمثل مصالح 22 مصرفا أجنبيا وفي 1982 عينته شركة باركليز المصرفية، أحد أهم الدائنين الخاصين للديون الحكومية والخاصة الأرجنتينية، عينته كمخول عنها وواصل مكتبه دور المدافع عن مصالح الدائنين الأجانب. لكن أشهر الحيل تزامنت مع سقوط نظام الحاكم جورج فيديلا، حيث أعلن المصرف المركزي الأرجنتيني عدم وجود سجلات للديون العامة الخارجية فاضطرت السلطات الأرجنتينية التي أعقبت حكم فيديلا، للاستناد إلى تصريحات الدائنين الأجانب وإلى العقود التي وقعها رموز النظام السابق دون المرور بالمصرف المركزي. استهدفت الصحافة ولتر كلاين وغيره من المسؤولين، ضمن حملة تشهيرية في عام 1982 وتعرضوا لملاحقات قضائية. في هذا الإطار تم استدعاء مسؤولي الشركات الحكومية للتحقيق، وجرى الاستيلاء على الكثير من الوثائق وأودعت في خزائن المصرف المركزي. (لكنها فقدت لاحقا كما ذكر). بعد سنين من المماطلات أعيد فتح القضية في تموز 2000، لكن لم يتوصل القضاء إلى أية إدانات بسبب التقادم. لكن الأرجنتين في عام 2001 علقت تسديد ديونها للمصارف والمؤسسات الخاصة. كما أعادت النظر في تسديد قروض صندوق النقد والبنك الدوليين أثار القرار سخط الجهات الدائنة وتوعدوا بتطبيق عقوبات بحق اقتصاد البلد. لكن في 2003 جرت مفاوضات بين السلطات وصندوق النقد وافقت فيها المؤسسة الدولية، على تخفيض مطالبها من الأرجنتين. في حين لم تقبل نفس التخفيض من البرازيل في 2002؛ إذ فرض على الحكومة البرازيلية تحقيق فائض في الميزانية بنسبة 2.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وهو فائض مكرس لتسديد الديون، أما الأرجنتين فقد رفضت مثل تلك النسبة وحصلت على اتفاق على أساس فائض يصل إلى 2.5 في المائة، ثم اقترحت على مالكي سندات الديون الخاصين التخلي عن 75 في المائة من قيمتها. ملاحظة: هذه المعلومات تم الاعتماد عليها كما وردت في تحقيقات الصحافي اليخاندرو أولموس الذي قام بحملة التشهير ضد فساد المسؤولين في الأرجنتين.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها