Author

هل يمكن للنساء الفقيرات أن يكن متفائلات في تعافي الاقتصاد

|
يلوح في الجو مؤشر تفاؤل كنتيجة لإظهار الأزمة المالية الحالية مؤشرات على الانفراج، ويمكن لمعظم الحكومات أن تعزو مؤشرات التعافي الإيجابية إلى حزم الحوافز الاقتصادية، من بين عوامل أخرى ذات علاقة، التي تولدت خلال السنة الماضية، وبينما تظهر الاقتصادات ميولاً نحو تحسن طفيف، فإن هنالك مؤشرات واضحة بأن الفقراء، ولا سيما النساء, قد لا يخرجون بالضرورة من هذه الأزمة بنفس الطريقة مثل الرجال. إن الجهود الحكومية لمنع الاقتصادات من الغوص بشكل أعمق في الركود تشكل استراتيجيات تتراوح بين دعم الشركات بإعفاءات ضريبية كبيرة إلى أوجه دعم وخصومات ضريبية، وبعض الدول، وعلى الأخص الولايات المتحدة، تبنت تدابير مالية لحفز الوظائف في قطاعات البنية التحتية والأشغال العامة، ومن الواضح أن هذه التدابير قد وضعت للمساعدة في خلق التوظيف أو مساعدة أصحاب العمل في توفير الوظائف للناس. وفي كثير من جهود الحوافز تم إيلاء انتباه واضح أيضاً إلى أكثر الناس ضعفاً مثل الفقراء والنساء والمسنّين، لكن بالنسبة لهذه المجموعة ككل، كانت التدابير المالية هادفة لتشمل تحويلات نقدية مباشرة وتحويلات نقدية مشروطة وعدداً كبيراً من البرامج الاجتماعية لزيادة دخول الأسر المتراجعة ولتشجيع الاستهلاك والإنفاق، وقد انتهجت تايلاند بقوة برامج الإسكان التي تستهدف الأسر الفقيرة على سبيل المثال. وبينما يعد التزام الحكومات في كل أنحاء العالم بمساعدة الفقراء خلال هذا الوقت من الأزمة الاقتصادية أمراً جديراً بالثناء, فإن من المهم بالمقدار نفسه أن نتساءل فيما إذا كانت جهود الحوافز لمساعدة الفقراء في التأقلم خلال هذه الفترة من التراجع قد أدت إلى تأثير مختلف على الرجال والنساء, وفيما إذا كان الرجال والنساء قد عايشوا معارك مختلفة لاجتياز الأزمة. والدول التي تطبق حزم الحوافز الاقتصادية تشمل الصين والهند وماليزيا والفلبين وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان وتايلاند، ومع أن حزم الحوافز الاقتصادية تتكون من مكونات مختلفة مثل الإنفاق العام والسلع والخدمات، وحزم الحوافز للمستهلكين والتدابير المالية التي تستهدف الشركات، فإن بعض الدول قررت جعل تطوير البنية التحتية أولوية تسبق الأمور الأخرى. والهند حالة مهمة، حيث أعلنت ميزانية بنحو 55 مليار دولار مخصصة لتحسين الطرق والموانئ وكل البنى التحتية الأخرى، وهناك أمثلة أخرى وهي تايوان وكوريا الجنوبية والصين، ومن بين الـ 180 مليار دولار تايواني من حزمة الحوافز التايوانية, فإن 58.3 مليار دولار أو ما يقارب ثلث المبلغ الإجمالي قد وجهت إلى تطوير البنية التحتية، ومثيلاً بذلك، فإن كوريا الجنوبية قد خصصت جزءاً أكبر من حزمة الحوافز المالية لمشاريع البنية التحتية أكثر من القطاعات الأخرى من الاقتصاد، وقد وجه أربعة تريليونات وون، بالتحديد، إلى تطوير البنية التحتية, بينما خصص ثلاثة تريليونات وون للتخفيضات الضريبية للاستثمار في المصانع وما بين ثلاثة إلى أربعة تريليونات وون للشركات الصغيرة، وبالنسبة لحزمة الحوافز الاقتصادية بقيمة أربعة تريليونات يوان، فقد خصص 280 مليار يوان لمشاريع الإسكان للأسر ذات الدخل المتدني، و37 مليار يوان لمشاريع البنية التحتية الريفية، وعلى نقيض ذلك, فإن 40 مليارا فقط قد وجهت للرعاية الصحية والمشاريع الثقافية والتعليم. ولا يمكن إنكار أن إيجاد الوظائف في الإنشاءات فاعل جداً لمواجهة تأثيرات تراجع اقتصادي، ولا سيما لأن هذا القطاع قادر بسرعة على استيعاب العمال غير المهرة، ويضمن أن يكون لهؤلاء العمال وظائف خلال فترة الأزمة، لكن هذا القطاع منحاز بشكل موروث للجندرية لأن البنية التحتية والأشغال العامة توفر الوظائف للعمال الذكور بشكل أساسي. لكن إذا وجه الإنفاق الحكومي نحو قطاعات التعليم والصحة والزراعة، مثلاً، فإن احتمال تأمين الوظائف للنساء يزداد بشكل ملحوظ، لأن هذه القطاعات تستخدم نسباً كبيرة من النساء, ولا سيما التعليم والصحة، وعلاوة على ذلك، فإن قطاعي التعليم والصحة أقل حساسية للتقلبات الاقتصادية. وبينما تكون هذه القطاعات أكثر استساغة لهذا السبب وأكثر نشاطاً خلال أوقات الأزمات الاقتصادية، يتوجب إدراك أن هذه القطاعات تميل إلى طلب عمال مهرة حصلوا على التدريب الضروري لأخذ وظائف ملائمة لهذه الصناعات، وما يعنيه هذا أن النساء غير الماهرات وذوات التعليم المتدني محرومات جداً – مجموعة تلقى أكثر التهميش في سوق العمل. ولهذه الأسباب، فإن هنالك حاجة كبيرة لضمان أن تصل حزمة الحوافز الاقتصادية إلى النساء، أو لنقل بصورة مختلفة إن عليها أن تكون حساسة إزاء الجندرية، وإلى حين وضع حزم الحوافز الاقتصادية لضمان مشاركة النساء في القوة العاملة تجيء من حقيقة أن بعض الصناعات المتضررة جداً من أزمة الائتمان هي قطاعات الملابس والمنسوجات والإلكترونيات التي تسيطر عليها العاملات من النساء، وفي الفلبين مثلاً، فإن نحو 75 في المائة من العمال المسرحين من أعمالهم في مناطق معالجة الصادرات هم من النساء، وأولئك المحظوظون بشكل كاف للاحتفاظ بوظائفهم يجدون أنفسهم مضطرين لقبول تخفيضات في الرواتب بسبب أسابيع عمل أقصر وإبرام العقود وإسناد الأعمال لجهات خارجية. والحكومات ملزمة بضمان ألا تحمل النساء عبء التراجع الاقتصادي، وبدلاً من ذلك, فإن عليها أن تكون معترفاً بها كمساهم لا بّد منه ومشارك في حل الأزمة الاقتصادية. إن السياسات المناسبة ضرورية لضمان أن أولئك النساء اللواتي يردن العمل قادرات على العثور على وظائف مناسبة في ضوء مهاراتهن، والتدريب على العمل إحدى الاستراتيجيات الكثيرة التي تضمن استمرار استخدام النساء في قوة العمل ومقدرتهن على دخول قطاعات يهيمن عليها الذكور، ويجب أن يكون هناك أيضاً برامج لتمكن النساء من الوصول إلى الموارد المالية لمساعدتهن في بدء شركات، حيث إن مبالغ أموال القروض تجيء بشكل يسير من المانحين والمؤسسات المالية، ولأن النساء لا يملكن رأس المال الاجتماعي الذي يمكن الرجال من تأمين التوظيف, فإن برامج مناسبة لمساعدة النساء في العثور على وظائف تصبح ضرورية أيضاً. وبينما يستهدف معظم حزم الحوافز المالية الحالية إعادة تنشيط الاقتصاد على المدى القصير، فإن من الحكمة أن تنظر الحكومات إلى الأثر الأوسع الذي ستحدثه هذه الاستراتيجيات على قطاعات المجتمع المختلفة، على المدى البعيد، ولا سيما الأكثر ضعفاً. ولا يمكن التقليل من أن النساء، بشكل خاص، استثمار مهم على المدى البعيد، ففي الأسر التي تعمل نساؤها بنشاط في العمل بأجر، فإن الأطفال هم أكبر المستفيدين من عمل النساء لأن عائدات النساء تؤدي إلى إنفاق أكبر على صحة الأطفال وتعليمهم، لذلك فإن التدخلات الاقتصادية لمصلحة النساء تصبح مهمة ولا سيما في أوقات الأزمة الاقتصادية لأن هذا يترجم إلى احتمالات تنمية اقتصادية للأجيال المقبلة.
إنشرها