Author

العمالة المهاجرة في آسيا: التهيؤ للأسوأ

|
العولمة الليبرالية الجديدة ، التي أدت إلى فتح الحدود الوطنية والتدفق الحر للسلع والخدمات، أوجدت أيضا وفرة من فرص العمل. ولم تعد الهجرة من أجل العمل استثناء، فبالنسبة لكثير من الدول النامية، فإن الهجرة من أجل العمل هي المعيار بشكل متزايد، والأحداث المالية المنتشرة خلال الشهور القليلة الماضية شهدت الاقتصادات المتقدمة تنحدر انحدارا شديدا، لكن الاقتصادات النامية لم تكن أيضا محصنة من الانحدار المالي. إن البلدين اللذين يصدران العمالة المهاجرة في آسيا، وهما الفلبين وسيريلانكا، لهما رعايا كثيرون يعملون في الخارج. ويمكن أن يعود هؤلاء بأعداد كبيرة بسبب التباطؤ الاقتصادي العالمي على نطاق عالمي، وسجلت دائرة العمل والاستخدام ، في الفلبين تسريح أكثر من 4500 عامل فلبيني عاملين في الخارج، في نهاية كانون الثاني (يناير) 2009، وكان الفلبينيون العاملون في تايوان خصوصا في وضع هش في الشهور التي سبقت الأزمة المالية، وبينما توثق دائرة العمل والاستخدام الفلبينية 1263 عاملا تم تسريحهم، فإن المنظمة غير الحكومية Hope Workers Center تسجل أكثر من 2000 عامل منذ الخامس من كانون الأول (ديسمبر) 2008. والاقتصادات الأخرى التي تشكل وجهة العمال والتي تستضيف العمال الفلبينيين المهاجرين والتي تأثرت بالاضطرابات المالية الحالية هي أستراليا وبروناي وكوريا ومكاو والإمارات العربية المتحدة وبريطانيا، وأسباب عودة المهاجرين هي الإفلاس وتخفيض حجم العمل، وإعادة الهيكلة والزيادة عن الحاجة، بينما تشمل الصناعات التي تلقت ضربة، قطاع شبه الموصلات والإلكترونيات والملابس والإنشاءات وبناء السفن والخدمات ومجالات الاتصالات/ الكهربائية. ولم تكن الأرقام القليلة كبيرة بشكل مذعر حتى الآن. وبالنسبة لسيريلانكا، فإن القطاعات التي تفرض التخفيض على العمال السيريلانكيين تشمل الإنشاءات والقطاع المصرفي والمالي والصيانة، ووفقا لمكتب الاستخدام الخارجي السيريلانكي فقد قدّر أن الاستخدام الخارجي نقص بنسبة 18 في المائة، من 20518 إلى 16811 عندما يقارن مع الربع الأول والأخير من عام 2008، لكن قطاع العمل المحلي يقال إنه بقي على حاله مع أن الطلب في هذا القطاع نقص بنسبة 41 في المائة في هذا الوقت مقارنة بـ 2006 - 2007. إن اليابان وهي دولة تعتبر وجهة للعمال السيريلانكيين المهاجرين قامت أيضا بتخفيض استقبال العمال الأجانب، ففي شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي. تقول تكهنات العمل اليابانية إن 85 عاملا غير نظامي، بمن فيهم العمال المؤقتون سيفقدون أعمالهم خلال فترة ستة أشهر بدءًا بشهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وهذا يعني أن تأمين الاستخدام في اليابان للعمال الأجانب سيكون صعبا بصورة متزايدة، خصوصا مع تزايد نسبة البطالة في البلاد. ولأن أعدادا كبيرة من الفلبينيين يعملون في قطاعات الرعاية الصحية، فإن ذلك يعد نعمة للبلاد، فوفقا لاتفاقية الشراكة الاقتصادية لحركة الأشخاص الطبيعيين بين اليابان والفلبين، فقد تم التوقيع على مذكرة التفاهم بين إدارة الاستخدام في الخارج، الفلبينية والتعاون الدولي الياباني لخدمات الرعاية الاجتماعية، لتسهيل استخدام الممرضين وموظفي الرعاية الفلبينيين، ابتداء من شهر كانون الأول (ديسمبر) 2008. ويشمل الاستخدام الأولي 200 ممرض فلبيني و300 موظف رعاية، وإضافة إلى ذلك، فإن استمرار الموافقة على طلبيات العمل في الخارج يشير إلى أن مواطنيهم ما زالوا يغادرون لأخذ وظائف في الخارج مع أن أعدادهم تتقلص ببطء. ولأن كثيرا من الفلبينيين يعملون في البحر ومتخصصين في تكنولوجيا المعلومات، فإن النمو الاقتصادي المتراجع في العالم قد يفاقم معدل العاطلين عن العمل بينهم في المستقبل القريب. وفي الوقت الذي تعترف فيه حكومات هذه البلدان بأن العمال المهاجرين الذين يعودون سيزيدون من معدلات البطالة العالية أصلا، فإن حكومة الفلبين تتهيأ للأسوأ، مع أنه لا أحد يتوقع أن جميع الثمانية ملايين فلبيني العاملين في الخارج سيفقدون أعمالهم، ويجري وضع خطة طارئة لمساعدة العمال المهاجرين الذين يفقدون وظائفهم في هذه الأزمة المالية الحالية. وتشمل الخطة مبادرتين تطبقان من مركز إعادة الدمج الوطني للعمال الفلبينيين العاملين في الخارج التابع لدائرة العمل والاستخدام وإدارة رعاية العمال العاملين في الخارج، والمبادرة الأولى هي خطة لمساعدة الأفراد المسرحين من العمل في العثور على العمل محليا، أو في بلد آخر خارجيا، والمبادرة الثانية تغطي الجهود الرامية إلى مساعدة العمال العائدين في إقامة مشاريع تجارية محليا لأن الأسواق المحلية قد لا تكون جاهزة لامتصاصهم. إن العمال الفلبينيين المهاجرين العاملين في أكثر من 200 بلد في الخارج، أرسلوا حوالات مالية قيمتها 18.268 مليار دولار في عام 2008، وفقا لتقديرات البنك الدولي، وبالثناء عليهم "كأبطال وطنيين" تعهدت الرئيسة أرويو بعدم خذلان هذه المجموعة من الرعايا، قائلة إن الوقت قد حان لأن تقوم الحكومة بإعطاء عامليها المهاجرين ما يستحقونه، وحزمة الإنقاذ التي اقترحتها تصل إلى 5.17 مليون دولار كرأسمال لمشاريع توجه إلى العمال الفلبينيين المهاجرين المسرحين من أعمالهم. وفي حالة سيريلانكا، فإن الحوالات المالية كانت أقل، 2.72 مليار دولار، لكن العمال السيريلانكيين المهاجرين يواجهون ورطة أكبر إذا عادوا. وعلى عكس الفلبين فإن الحكومة السيريلانكية عليها أن تخرج ببرنامج للعمال العائدين مع أنها تدرس حاليا خيارات استخدام بديلة لهم. لذلك، فإن الحاجة ماسة إلى استعدادات إذا ظلت الأزمة الاقتصادية الحالية تحدث أثرها في العمال المهاجرين العائدين من هذه البلدان، وعلى الحكومات ذات العلاقة أن تبقي عيونها مفتوحة على قطاعات العمل التي تسرح عمالا أجانب، وهذا سيساعدها على الاستعداد بكفاءة أكبر لمواطنيها الذين يجبرون على العودة. وسواء كان المهاجرون ذكورا أو إناثا والذين يشكلون مجموعة العائدين، فإنها قضية مهمة أن تفكر في الأمر، لأن العاملات المهاجرات قد تبين أنهن يحولن إلى عائلاتهن مبالغ أكبر بكثير بصورة منتظمة ومستمرة أكثر من الذكور. وحوالات الإناث التي ترسل إلى وطنهم مهمة خاصة لرفاه العائلة، ولا سيما بالنسبة لتعليم الأبناء وما يعنيه هذا أنه إذا فقدت النساء أعمالهن في الخارج، فإن رفاه عائلة بأسرها في خطر، ولهذا، فإن خطط الطوارئ للتكيف مع هؤلاء العائدات ينبغي أن تأخذ في اعتبارها الأثر في العائلات التي يتم التخلي عنهن من العاملات اللواتي يعدن.
إنشرها