Author

تسريع مساهمة المرأة في السياسة

|
رحبت أستراليا بأول رئيسة وزراء لديها جوليا جيلارد, التي خلفت في هذا المنصب رئيس الوزراء كيفين رود، حيث جاء وصولها إلى هذا المنصب بمثابة دعم لدور المرأة في الشؤون السياسية مرة أخرى. وكانت جوليا جيلارد معروفة بأنها إحدى نجوم الأداء رفيع المستوى في البرلمان الأسترالي، وقيل عنها إنها كانت مصدر إلهام لزملائها من البرلمانيين من خلال قدراتها على المداولات السياسية وتمرير السياسات، والرد على الهجمات السياسية، وحميمية الشخصية. وإن صعودها إلى أعلى منصب سياسي في البلاد دليل آخر على أن النساء ماضيات في طريق إيجابي، على الرغم من صعوبة الاتجاه إلى العمل في السياسة في منطقة آسيا الباسيفيكية. لا يزال التمثيل النسائي البرلماني متخلفاً للغاية وراء تمثيل الرجال، على الرغم من توقيع بلدان عديدة على ميثاق التخلص من كل أشكال التمييز ضد النساء، ذلك الميثاق الذي يجبر الموقعين عليه على ضمان فرص عادلة أمام النساء كي يشغلن المناصب العامة، ويشاركن في صنع القرارات وتشكيل السياسات. لقد أدت العوائق الثقافية والاقتصادية المستمرة في أستراليا, إلى إعاقة المساهمة النسائية الكاملة في البرلمان، على الرغم من أن هذا البلد ديمقراطي. ولجأت الحكومة إلى إجراءات توعية على نطاق واسع، وذلك محاولة منها لتجاوز هذه العوائق. وركزت الحكومة على مسألة زيادة المساهمة النسائية في الحياة السياسية العامة، لكن لم تكن لهذه الجهود آثار على نطاق واسع. ولذلك قررت لجنة ميثاق التخلص من التمييز ضد النساء إدخال نظام الكوتا، إضافة إلى الإجراءات الحالية، وذلك بهدف دعم قضية زيادة مشاركة النساء في البرلمان الأسترالي. ولا بد أن نتذكر هنا أن إجراءات زيادة الوعي لا تتحول بصورة آلية إلى زيادة في عدد المقاعد النسائية في البرلمان، الأمر الذي تطلب وجود نظام للكوتا. وعلى الرغم من أن أستراليا أوفت بشرط حصة برلمانية للنساء تبلغ 40 في المائة، إلا أن ذلك لم يتحقق إلا على مستوى الأحزاب، حيث نجد أن حزب العمال تبنى معادلة 40 ـ 40 ـ 20، بحيث يضمن ذلك تحقيق الهدف المطلوب، وترك 40 في المائة من المقاعد قابلة للإشغال من جانب أي من الجنسين في عام 2012، بينما نجد أن الحزب الليبرالي المعارض رفض هذا النموذج، وأصر على الاختيار المسبق بخصوص الكوتا على أساس الاستحقاق الفعلي. وإن التزام أي حزب بعدالة التمثيل البرلماني، وحرصه على وصول المرأة إلى البرلمان بنسبة عادلة، لا يعكس فقط الجانب التحرري في ذلك الحزب، إنما يتيح في الوقت ذاته فرصة إبداء الالتزام القوي بالمساواة بين الجنسين لدى المقارنة بالأحزاب الأخرى. كانت هناك وجهات نظر متعددة بخصوص الكوتا النسائية في البرلمان. ويرى مناصرو هذه الفكرة أنها تمثل أفضل وسيلة لتحقيق التوازن التمثيلي السياسي بين الرجال والنساء، حيث تحققت أفضل حالات المساواة بين الجنسين حين جرى تطبيق نظام الكوتا، وذلك على مستوى عدة بلدان. وكانت حالة النجاح الأكثر بروزاً على هذا المستوى في رواندا. وتبين أن نظام الكوتا يدفع أعضاء الأحزاب إلى مزيد من تدريب النساء على شغل المناصب السياسية، بدلاً من الأسلوب التقليدي الذي ظل يقوم على إعداد الرجال للقيام بذلك. ويرى أنصار هذا النظام كذلك أن نظام الكوتا يفترض ألا ينظر إليه كتمييز ضد الرجال، وإنما هو صورة من التعويض عن التمييز ضد المرأة الذي ظل يمارس على مدى فترة طويلة من الزمن، وما زال قائماً. وتم إقرار قانون في الهند في أوائل العام الحالي يضمن تمثيلاً نسائياً في البرلمان يبلغ 33 في المائة. غير أن في أنظمة الحكم المختلفة جهات ناقدة ومعارضة لنظام الكوتا النسائية. ويرى المنتقدون أن هذا النظام يجعل عدداً من المقاعد بمثابة ملكية حصرية للنساء، بينما كان يمكن أن يشغلها، لولا وجود نظام الكوتا، رجال يتمتعون بكفاءات أعلى. ويرى هؤلاء أن النساء اللاتي يصلن إلى مقاعد البرلمان من خلال الكوتا، لا يصلن لأسباب تعود إلى الكفاءة، وإنما إلى مجرد تطبيق قواعد هذا النظام التي تعمل لمصلحتهن. ويقولون كذلك إن النساء الواصلات إلى البرلمان من خلال هذا النظام يحظين بدرجة أقل من الاحترام، وليست في أيديهن سلطات فعلية، كما ينظر إليهن، على الدوام، بأنهن بعيدات عن الكفاءة مقارنة بأعضاء البرلمان من الرجال. ويرى المعارضون أيضاً أن المرشحين الرجال يصبحون أعلى كفاءة لدى التنافس المباشر مع النساء في سبيل الحصول على عضوية البرلمان، دون أية قيود تفرض على العملية الانتخابية. وهم يصرون على أن الوصول إلى البرلمان يجب أن يكون مسألة تعتمد تماماً على الكفاءة دون أن يكون لذلك علاقة بجنس المتقدم أو المتقدمة إلى عضوية البرلمان. على الرغم من كل هذه الاعتراضات على نظام الكوتا، إلا أن هذا النظام أداة فاعلة لتحقيق مساواة الجنسين. ومن دونه، فإن تحقيق ذلك قد يستغرق فترة طويلة للغاية. وإن من شأن إدخال النساء إلى البرلمان جلب خبرات خاصة قد لا تتوافر لدى الرجال. غير أن القضية الخاصة بتحسين مستوى مناقشة قضايا النساء في حالة وجود عدد منهن في البرلمان، ليست من الفرضيات المسلم بها. غير أن متطلبات العدالة الاجتماعية، على نطاقها الواسع، تفترض دعم النساء ذوات الكفاءة من أجل الوصول إلى البرلمان، إذ إن في ذلك تجسيداً لمبدأ المساواة بين أفراد المجتمع. خاص بـ ''الاقتصادية'' حقوق النشر: OPINION ASIA
إنشرها