Author

بين معرض الكتاب ومهرجان الجنادرية

|
مرت على الرياض .. أو نستطيع القول المملكة العربية السعودية كلها في الأيام العشرة السابقة بحدثين ثقافيين سنويين كبيرين جداً، هما معرض الرياض الدولي للكتاب، و مهرجان الجنادرية الوطني للتراث والثقافة ومن اللافت للنظر أيضاً أنه لأوّل مرة يتصادف هذان الاثنان سوياً، ، وبهذين المهرجانين احتفلت المملكة وأقامت عرسها الثقافي الكبير وازداد ازدحام المدينة بساكّنيها وزوّارهم الذين جاؤوا من أقاصي المدن من أجل المشاركة والاطلاع. في معرض الرياض الدولي للكتاب من تابع التغطيات الإعلامية، أو حضر، ما سيلفت نظره هو أن الحديث تكرر بسخط حول غلاء الأسعار في المعرض التي وصل بعضها حدا مبالغا فيه، وكذلك هاجس الرقابة التي سيطرت على المعرض بشكل أكبر من ذي قبل على الرغم من الفسح الذي حصلت عليه العديد من دور النشر، فالقارئ هنا يعد هذا المعرض فرصته السنوية الوحيدة للحصول على الكتب التي لا تتوافر عادة في المملكة العربية السعودية. ولكن على صعيد آخر نرى أن هناك القليل من الاهتمام بالفعاليات والأنشطة الثقافية التي أقيمت في المعرض، ولنعد إلى الوراء قليلاً، سنجد أن معرض الرياض في عام 1427هـ كان متميزاً بتلك الأنشطة، وحضرته أسماء كبيرة، وكانت الأمسيات والندوات المطروحة تشجع المثقفين للحضور، غير أن ذلك بدأ يتراجع مع معرض عام 1428هـ، حين حضرت " بعض " الأسماء المعروفة، ولم تكن المواضيع المطروحة من ضمن الأنشطة الثقافية ذات صدى عال لدى الزوار، لذا فإن تقييم هذا العام يؤكد لنا أنه أمام تراجع أكبر رغم الأنشطة التي أخذت طابع العالمية، ومن خلال ردود الفعل التي تم رصدها، فإن الأسماء المطروحة لم تشكل بالنسبة له دافعا للحضور أكثر من عناوين الكتب المعروضة وذلك يعود ـ حسب قول البعض ـ إلى أنهم لن يتحملوا مشقة الحضور إلى القاعة الثقافية وترك فرصة تصفح الكتب وهم ليسوا أمام حالة ثقافية تفرض عليهم الحضور والانجذاب لموضوعها الثقافي لأن بعض الأسماء الجديدة عليه ليس ذات صدى مما جعله أمام حالة من الاختيار البسيط هل أن حضور بعض من هذه المحاضرات سيشكل له إضافة أم سيخرج بخفيّ حنين؟ وهذا السؤال يكشف عن حالة من التقييم الذاتي والنقدي لهذه الحالة الثقافية. وأما بالنسبة لمهرجان الجنادرية الوطني للتراث والثقافة ، فقد تفوّق هذه المرة على معرض الرياض الدولي للكتاب من حيث الفعاليات والأنشطة الثقافية فيه، واستضاف أسماءً عربية مثل الدكتورمصطفى البرغوثي والشاعر فاروق جويدة .. وغيرهما الكثير. هذه الفعاليات والأنشطة الثقافية المصاحبة للمهرجانات ننتظر " نحن الجمهور " عادة منها أن تكون مغايرة وجديدة وليست تقليدية، وأن تقدم لنا ما ننتظره ونتأمله كثيراً، وألاّ يتكرر علينا السائد المعروف، ولكن لسنا هنا بصدد اختيار وتحديد مدى أهمية .. أو حجم الأديب أو المفكر المستضاف، لأن هذا الأمر يعتمد أولاً وأخيراً على الأذواق، ولكني أسمع رغبة الصوت الأعلى في الجمهور، الحديث منهم خاصة، وهذا ليس تقليلاً من شأن المغمورين، ولكن أظن أن الاهتمام بالقارئ الحديث من خلال توجيه هذه الفعاليات والأنشطة إليه محور مهم جداً في الطرح، لأنه بحاجة إلى بعض التوجيه في البداية حتى تتضح له الرؤى فيسير بعدها بنفسه، خاصة أنه بات هو الصوت الأعلى في الحضور والحديث.
إنشرها