نيران الإرهاب ستأكل نفسها

الوقائع التاريخية للمسيرة الإنسانية تثبت أن الشر قائم لا ينتهي، ولكن صوره وأنماطه تتغير وتتبدل وتأخذ أشكالا مختلفة. كما يثبت التاريخ على امتداده أن نيران الشر تشتعل وتتمادى حتى تنهي نفسها وتأكل ذاتها، فالشر لا يملك مقومات الاستمرار، إلا إننا نراه دائما وحاضرا على مر الأزمنة كنتاج طبيعي لنزعة إنسانية قديمة لا يقوى أصحاب النفوس الشيطانية الضعيفة على مقاومتها. والحقيقة أن الضعف والشر نزعتان متصاحبتان دائما، فكل شرير ضعيف في ذاته ونفسه، حقير في تصرفاته وسلوكه، منحط في دوافعه وغاياته، وتافه جبان في طرق تحقيق تلك الغايات المريضة. كما يتصف الأشرار بالغباء المستفحل، فلا نجدهم يتعظون من تاريخ إخوانهم الشياطين الذين سبقوهم في الرذيلة. وإضافة لما سبق، يتصف الأشرار بانعدام الرحمة في قلوبهم المريضة، فلا يهتز لهم جفن لضحايا جرمهم الأبرياء. ولعل أبرز صور الشر في عصرنا هذا مصيبة الإرهاب. ونهايتها لن تختلف أبدا عن نهاية أنماط الشر التي توالت على البشر على امتداد التاريخ الإنساني. نهاية خزي وعار تلحق كل من انساق وراءها واتبع خطواتها. وإطلاق النيران على دوريات أمنية في بلدة العوامية هذا الأسبوع دليل تأكيد على أن عقارب الساعة تكاد تقترب للحظة الصفر، لحظة نهاية وضاعة وحقارة وجبن الإرهاب في بلدة العوامية الآمنة والمسالمة.
ومن خصائص الشر على مر العصور العمل في الخفاء، وارتكاب الجرم في الظلام، حيث يعتقد المجرم أنه ليس هناك ما يفضح دناءة فعله إن ارتكب ذلك في الظلام. ولكن الحقيقة مفادها أن المجرم لا يستره العمل بمعزل عن رؤية البشر، فالفعل لا يظهر بسبب وضوح الرؤية ويقين النظر فقط، بل يظهر بنتائجه التي تعقب ارتكابه، فالبعرة تدل على البعير وإن لم نبصره بأعيننا، والأثر يدل على المسير وإن لم نشاهده. ونتائج الإرهاب لا تخفيها ظلمات انعدام النور، كما ولا تخفيها تستر مرتكبيه بظلام الليل. نتائج الإرهاب دماء أبرياء قتلوا بلا ذنب، وجرحى ومعاقون شاءت إرادة الخالق تواجدهم في أماكن ارتكاب الجريمة، وثكلى وأيتام وأرامل ورعب وغيرها مما يثير القلق والفزع في قلوب الآمنين. ما قام به الإرهابيون في الأعوام الماضية في العوامية أمر لا يقترب إلا لنهايته. ولا يمكن عزل ما يحدث وحدث في العوامية عما يجري حولنا في دول الجوار من فوضى شيطانية خلاقة، رسمها وخطط لها ونشرها وما زالت تغذيها أيد قذرة خفية يشهد نتائج فعلها المخزي على العقليات المريضة لأصحابها. عقول قذرة تخطط، ودمى بشرية تنفذ، والمستفيد من هذه الأفعال والأعمال والنتائج هو المتهم الأول والأخير. قوم مرضى لا تستوعب عقولهم حقيقة أن أعمالهم لا يمكن لها الاستمرار بلا نهاية مستحقة، نهاية تنهيهم وشر فعلهم إلى الأبد.
إن نيران الإرهاب والفوضى والدمار التي تسعى قوى خارجية أن تلحقه ببلادنا سترتد على مخططيه ومريديه لتحرقهم ومن ثم تلتهمهم ومن ثم ستنطفئ. بلادنا أقوى وأعمق وأثبت وأصلب من أن تحترق من أي قوة كائنة من كانت. بلادنا بمأمن تام من جميع المحاولات الفاشلة لإلحاق الأذى بها. بلادنا صخرة صماء يتحطم عليها كل ما يرميه الأنذال والأشرار والإرهابيون. إن يقظة قوات الأمن صمام أمان وطمأنينة لكل من يعيش على تراب مملكتنا الأبية. ولن تقف المحاولات الإرهابية في وجه سياسة بلادنا التي تنتهج الدفاع والذود عن الحق أينما كان وتحت كل الظروف وبمعزل تام عن المصالح السياسية والاقتصادية. فالحق سننطق به مهما كانت العواقب، وليس للمعتدي إلا حد سيفنا الشطير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي