العساف وملا يروجان بنجاح لبيئة الاستثمار المحلي

[email protected]

في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر اليورموني 2007، الذي عقد في الرياض تحت شعار تمويل في عالم متغير"، خلال الفترة من 8 إلى 9 من أيار (مايو) 2007، ألقى معالي الدكتور إبراهيم بن عبد العزيز العساف وزير المالية، ومعالي المهندس محمد بن جميل ملا وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، كلمتين افتتاحيتين بمناسبة بدء أعمال المؤتمر، الذي يتم عقده للسنة الثالثة على التوالي في المملكة العربية السعودية، إدراكاً من القائمين على إدارة مؤسسة يورموني، لأهمية انعقاد مثل هذه المؤتمرات في السعودية، بهدف بحث القضايا والمسائل والمواضيع، التي لها علاقة واتساق مباشر، بما يشهده الاقتصاد السعودي بشكل عام، وتشهده البيئة الاستثمارية المحلية بشكل خاص، من إرهاصات تنموية غير مسبوقة في تاريخ الاقتصاد السعودي المعاصر.
كلمتا الوزيرين الافتتاحيتان لأعمال المؤتمر، جاءتا متناغمتين ومنسجمتين مع بعضهما البعض، ولاسيما أن كلتيهما قد أكدتا على حقيقة متانة الاقتصاد السعودي، والقدرة التنافسية لجاذبية البيئة الاستثمارية المحلية.
وزير المالية أكد خلال كلمته الافتتاحية، في إطار تحسين البنية الاستثمارية المحلية، على حرص الحكومة السعودية، على تسخير ما تحقق من فائض في إيرادات الميزانية في السنوات الثلاث الماضية لتخفيض الدين العام ليصل، إلى نسبة متدنية جداً (28 في المائة) من الناتج المحلي الإجمالي، كما اعتمدت الحكومة عدداً كبيراً من البرامج والمشاريع التنموية، إضافة إلى ما هو وارد في الخطة الخمسية الثامنة في ميزانية الدولة، كما قد عززت الحكومة الاحتياطي العام للدولة، ووفرت الدعم المالي اللازم لعدد من الصناديق التنموية، متطلعاً في هذا الخصوص، إلى أن تشهد الفترة المقبلة انطلاقة عدد من المشاريع والبرامج الوطنية المهمة، التي لعل من بين أهمها وأبرزها، المشروع الشامل لتطوير التعليم، والتوسع في التدريب ونشر ثقافة العمل.
من جانب آخر، أشار وزير المالية إلى حرص الحكومة السعودية، على الاهتمام بفاعلية وكفاءة الإنفاق العام، بما يمكن من تحقيق الأهداف التنموية، وفي هذا الصدد، أكد الوزير العساف على أن الحكومة السعودية، قد قامت بمراجعة وتحديث الأنظمة واللوائح التنفيذية، التي تخدم هذا الهدف، بحيث يكون ذلك متسقاً مع الموارد المحتملة والمتوقعة.
كلمة وزير الاتصالات وتقنية المعومات، جاءت لتؤكد على أهمية قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة العربية السعودية عبر مسيرته الطويلة، التي حظيت بدعم وبمساندة كبيرتين من الحكومة السعودية، مما جعل القطاع يتبوأ مكانة مناسبة على المستويين الإقليمي والدولي، مشيراً في هذا السياق إلى مباشرة الحكومة السعودية، في إعادة هيكلة قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، من خلال أربعة محاور رئيسية، الأول: التخصيص، والثاني: الإصلاح التنظيمي، والثالث: تحرير القطاع، والرابع: تهيئة البيئة الخدمية.
نتيجة لجهود الحكومة السعودية، التي بذلت في سبيل تطوير قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات، حققت المملكة تزايدا كبيرا في انتشار خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات، بين أفراد المجتمع السعودي، خلال أعوام قليلة من عمر الزمن، حيث كانت نسبة انتشار الهاتف الجوال في عام 2001، على سبيل المثال، نحو 12 في المائة، وقفزت تلك النسبة بنهاية عام 2006 إلى 81.7 في المائة، بعدد يزيد على 19.5 مليون خط، ووصل عدد خدمة خطوط المشتركين الرقمية المعروفة بـ (DSL) بنهاية الربع الأول من عام 2007، إلى نحو 300 ألف خط، ويقدر عدد مستخدمي الإنترنت بنهاية الربع الأول من عام 2007، بنحو خمسة ملايين مستخدم، أو ما يعادل نسبة انتشار تتجاوز 20 في المائة من عدد السكان.
بالنسبة لبرامج التعاملات الإلكترونية الحكومية، أكد الوزير ملا، أن الوزارة قامت بإنشاء برنامج متخصص في التعاملات الإلكترونية الحكومية، يرمز إليه ببرنامج "يسر"، بمشاركة كل من وزارة المالية، وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، وذلك في عام 1426هـ، بهدف تحفيز وتمكين الجهات الحكومية من تطبيق التعاملات الإلكترونية في أعمالها، وما تقدمه من خدمات للمستفيدين، على مختلف مستوياتهم، بما يؤدي بإذن الله تعالى، إلى زيادة في الكفاءة والفعالية، ورفع إنتاجية القطاع العام، وتحسين مستوى تقديم الخدمات الحكومية بما في ذلك الإسهام في توفير البيئة الجاذبة للاستثمار في المملكة، وفق رؤية محددة، تهدف إلى تمكين الجميع بنهاية عام 2010، الحصول على خدمات حكومية رفيعة وراقية المستوى من أي مكان في العالم، تقدم بطريقة متكاملة وسهلة، من خلال العديد من الوسائل الإلكترونية الآمنة، وتجدر الإشارة إلى أن التكاليف الإجمالية لتطبيق مشاريع الخطة التنفيذية للتعاملات الإلكترونية الحكومية، تقدر بنحو ثلاثة آلاف مليون ريال، خلال السنوات الخمسة الأولى، التي سيتم أثناءها تحقيق الأهداف الاستراتيجية المنشودة، وتنفيذ مشاريع البنية التحتية، وتقديم الخدمات الإلكترونية الحكومية، بما لا يقل عن 150 خدمة إلكترونية حكومية، تضم أكثر من 1000 خدمة فرعية، تقدم من قبل 40 جهة حكومية.
الوزير العساف أكد في ختام كلمته المذكورة، عطفاً على موضوع المؤتمر المذكور وشعاره "التمويل في عالم متغير"، وما يمر به الاقتصاد السعودي من تطورات، والإعلان عن من مشاريع عملاقة، أن الأمر يتطلب البحث عن وسائل وآليات تمويل مبتكرة تتناسب وطبيعة هذه التطورات على أرض الواقع، وتتسق مع التوقعات، ولاسيما أن طرق التمويل وأساليبه إما أن تكون حافزاً للتنمية أم معوقا لها.
في رأيي أن الكلمتين الافتتاحيتين، اللتين ألقاهما كل من وزير المالية ووزير الاتصالات وتقنية المعلومات، نجحتا ببراعة في تعزيز الصورة المشرقة للبيئة الاستثمارية المحلية، وقدرتها النافذة على جذب واستقطاب الاستثمارات والرساميل الأجنبية إلى البلاد، بما في ذلك توطين الرساميل المحلية، ولاسيما أن الكلمتين المذكورتين، تميزتا بأسلوب الطرح الواضح والشفاف، بما في ذلك الوصف الدقيق لحالة البيئة الاستثمارية المحلية، بحضور أكثر من 400 مستثمر أجنبي حضروا فعاليات المؤتمر، وبالله التوفيق.

مستشار اقتصادي وخبير مصرفي
عضو جمعية الاقتصاد السعودية

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي