تحديات أمام قطاع الكهرباء في السعودية (1 من 2)

هناك عدد من التحديات المستقبلية التي من المتوقع أن يُقابلها القطاع الكهربائي خلال السنوات المقبلة, ومنها على سبيل المثال, معدّل الزيادات السكانية والتنوع الصناعي, اللذان سيشكلان تحديا أمام النمو المستقبلي والمتوقع للطاقة. لذا فإنه يجب أن يتواكب معدّلا النمو في الطاقة وقدرات التوليد مع هذا النمو المتوقع لتغطية الطلب المتزايد على الطاقة. كما لا ننسى أن التعرفة (أجور الاستهلاك) يجب أن تكون منخفضة ومعقولة وألا تكون عبئاً إضافياً على كاهل المواطن في المستقبل.
يعد قطاع الكهرباء من أهم الصناعات الوطنية, التي يفخر بها المواطن السعودي والمقيم على حد سواء. السعودية تعد من أوائل الدول العربية في صناعة الكهرباء, ورغم هذا التقدم الصناعي الكبير في الكهرباء (الذي هو فخر للجميع), إلا أن هناك مشاكل كبيرة قد تقابل هذا القطاع, وذلك للطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية من القطاعين العائلي والصناعي, وخصوصاً في هذه الفترة الاقتصادية التي نمر بها حالياً (ولله الحمد والمنة), ونستطيع تسميتها (الطفرة الاقتصادية), إضافة إلى النمو السكاني المتزايد. سنقوم بقراءة متواضعة لاستشراف مستقبل قطاع الكهرباء, ومدى قدرته على تلبية الاحتياجات الكبيرة للطاقة في المستقبل.
تفاوتت نسب الزيادة في قدرات توليد الطاقة الكهربائية خلال العقود الثلاثة الماضية. حيث كانت في ازدياد, ولكن من الملاحظ أنه خلال السنوات الخمس الأولى من عام 1990 إلى 1995, شهدت قدرات توليد الطاقة الكهربائية نموا متدنيا جداً مقارنة بالسنوات العشر الماضية. ولكن بانتعاش الاقتصاد والزيادة في أسعار النفط التي أدت بدورها إلى الطلب المتزايد على استهلاك الطاقة الكهربائية للأغراض الصناعية والاستهلاك المنزلي, زاد معدّل إنتاج الطاقة.
يلاحظ أن معدّل النمو في توليد الطاقة عاد إلى الارتفاع, وكما ذكرنا سابقاً أن معدّل النمو في السبعينيات والثمانينيات أكبر بكثير منه في التسعينيات, ويعزى ذلك إلى سببين: اكتمال مشاريع تغطية الكهرباء العملاقة, والأزمة الاقتصادية التي مرت بها المملكة نتيجة للحروب المُفتعلة في المنطقة.
ذكرت بعض التقارير (التي نُشِرت في جريدة "الاقتصادية") أن معدّل النمو كان نحو 29 في المائة في السبعينيات و37 في المائة في الثمانينيات. ويعد هذا أكبر معدّل نمو وأكثر توسع في الطاقة مواكباً الطفرة الاقتصادية خلال السبعينيات.
بعد ذلك بدأ بالاستقرار ثم انخفض في التسعينيات للأسباب التي ذُكِرت آنفاً. في الفترة من 2000 إلى 2004م, زاد الطلب على النمو في الطاقة, ولكن بنسب قليلة جداً لا تتجاوز 5 في المائة. وهذا يعني أن التوسع في الطاقة يواكب توقعات النمو والانتعاش الاقتصادي.

عوامل تؤثر في مستقبل الطلب على الكهرباء
عاملان مهمان يحددان مستقبل الطاقة في المملكة وهما معدّل النمو السكاني والتوسع الصناعي. في أحد التقارير الاقتصادية للاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية، الخاص بمستقبل الطاقة الكهربائية في العالم العربي, والصادر في كانون الثاني (يناير) 2006م: ذكر أن إجمالي الطاقة الحالية يتجاوز 108 ميجا واط والطاقة الإضافية بحلول عام 2010 ستكون بزيادة تتجاوز 65 ميجا واط. التكاليف الإجمالية المتوقعة تقدر بنحو 55 ألف مليون دولار. وهذا التقرير على مستوى العالم العربي حتى عام 2010. أما بالنسبة للسعودية, فإن الطاقة الحالية تتجاوز 28 ميجاواط, ويتوقع التقرير أن تكون الطاقة الإضافية بحلول عام 2010 بنحو ستة ميجاواط. وهذا يمثل 5 في المائة نموا في الطلب على الطاقة, وبتكلفة خمسة آلاف مليون دولار.
ومن المشاكل التي قد نواجهها في المستقبل الاستغلال التام لقدرة الطاقة المُنتجة, بحيث إن استغلال قدرة الطاقة يساوي قدرة توليد الطاقة نفسها. وهو يعني استغلالا كاملا للطاقة المنتجة. وهذا قد يسبب مشكلة, لأنه لن يكون لدينا احتياط. فعندما ينقطع التيار الكهربائي - لا سمح الله ـ لن نجد ما يمكن اللجوء إليه. لذا فإنه يجب أن يكون لدينا في حدود 10 في المائة احتياطي في حالة انقطاع التيار لكي نستطيع استخدامه في الظروف الطارئة. وهذا متعارف عليه دولياً و يسمى standard. في التقرير السابق نفسه, قرأت أن نسبة احتياطي الطاقة الكهربائية من الفترة 1990 إلى 2002م يراوح فيما بين 16 و20 في المائة. ولكن ابتداء من عام 2003 إلى 2005م بدأ هذا الاحتياطي في التراجع, بحيث أصبح يراوح فيما بين 2 و5 في المائة فقط. أما بالنسبة لعام 2006، فذكر أحد المسؤولين في قطاع الكهرباء أن نسبة الاستغلال وصلت إلى ما يقارب 100 في المائة. أي باحتياطي يصل إلى صفر في المائة (0 في المائة) في الصيف الماضي. حيث إن محطات توليد الكهرباء في السعودية عملت بكامل طاقتها. في المقال المقبل (إن شاء الله) سنتطرق وبشيء من التفصيل إلى التحديات المستقبلية في قطاع الكهرباء ومن ثم اقتراح حلول منطقية تخدمنا آنياً ومستقبلياً.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي