المجلس السعودي للجودة وغرس مفهوم العمل المستدام
ذكرت في مقال سابق احتفال واحتفاء الغرب والشرق بالجودة وتطبيقاتها.. وها أنا اليوم أتحدث عن الحدث نفسه، ولكن على وجه أغلى وأحلى في بلادنا الغالية، حيث يحتفل المجلس السعودي للجودة اليوم بمرور عشرين سنة على تأسيسه تحت تشريف وحضور مسؤول الجودة الأول في بيت الجودة الأول محافظ هيئة المواصفات والمقاييس والجودة الدكتور سعد القصبي. ومملكتنا الحبيبة قد بدأت تخطو خطوات كبيرة ومهنية في شتى مجالات الجودة والمواصفات والمقاييس من خلال جهود رسمية تقودها مشكورة الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة وبعض القطاعات الحكومية كوزارة التربية والتعليم ووزارة التجارة ووزارة التعليم العالي وغيرها من المؤسسات الحكومية ممن له دور واضح وأنشطة معلن عنها في حينها. ومن جهة أخرى جهود تطوعية مجتمعية في مجال الجودة ويبرز فيها بصورة واضحة وجليلة دور المجلس السعودي للجودة منذ عقدين من الزمان منذ تأسيسه بصورة تطوعية عام 1415هـ برعاية كريمة من شركة أرامكو كفرع معترف به للجمعية الأمريكية للجودة ASQ. وبقي المجلس السعودي للجودة في المنطقة الغربية يبحر في محيطات الجودة وتطبيقاتها برعاية ومساندة من الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة كشراكة استراتيجية الذي أثمر عنه تكامل وجهود متميزة طورت الدور المجتمعي، ما أسهم بوضوح في إيصال المملكة وسمعة المملكة في مجال الاهتمام بالجودة إلى مستوى متقدم بين دول المنطقة وبقية دول العالم.
إن نجاح المجلس السعودي للجودة في الاستمرارية في العطاء لعقدين من الزمان يعد علامة بارزة وأنموذجا متميزا للجمعيات المهنية التي كثير منها ما يبدأ قويا وذا عطاء كبير ثم ما إن يلبث بعد سنوات قليلة من العطاء إلا ويصيبه الضمور ثم يتصارع مع الموت البطيء وبعضها يبقى ميتا في وسط الأحياء، ولذلك أقدم في هذا المقال تجربة المجلس السعودي للجودة وأسباب نجاحه وتميزه المحلي والإقليمي والعالمي لتستفيد منه بقية الجمعيات المهنية وتحذو حذوه.
وكما يقولون أول خطوات النجاح هو الإيمان بالنجاح والثقة بالطريق والهدف الذي تسعى لتحقيقه. والمجلس السعودي للجودة ممثلاً في أعضاء اللجنة التنفيذية وهم متخصصون في علوم الجودة وتطبيقاتها آمنوا أن الجودة والإتقان هي إحدى تعاليم ديننا الحنيف وأنها أحد عوامل النجاح الاقتصادي لبلادنا الغالية فقرروا أن يساهموا في نشر هذا المعلم الرائع من ديننا وتحقيق التقدم والرقي لمملكتنا العزيزة من خلال نشر ثقافة الجودة تحت مظلة المجلس من خلال رؤيته الثاقبة: تحقيق الإتقان والتميز نحو تنمية مستدامة للمجتمع، ورسالته السامية: يسعى المجلس السعودي للجودة إلى نشر ثقافة الجودة والتميز وأفضل الممارسات والعمل على تطوير الأفراد والمنشآت بتقديم البرامج والأنشطة المتخصصة من خلال مجموعات عمل مهنية باستثمار الخبرات وبناء الشراكات والتحالفات الاستراتيجية المحلية والدولية للرقي بجودة الحياة وازدهار المجتمع انطلاقا من قيمنا الإسلامية.
وفي سبيل تحقيق الوصول إلى الرؤية وتحقيق الرسالة تم تقسيم المجلس لمهامه إلى مجموعات متخصصة في عدة مجالات منها مجموعة الجودة في التعليم ومجموعة الجودة في القطاع الصحي ومجموعة الجودة في القطاع الحكومي والجودة في قطاع البنوك والمصارف والجودة في العمل الخيري والجودة في البترول والطاقة، وكان الطموح والعطاء والتضحية من قبل أعضاء اللجنة التنفيذية الذين في غالبهم عاصروا بدايات التأسيس وصعوبته وبساطته وها هم اليوم يرون ثمرة طموحهم وصبرهم نجاحات يتلوها نجاحات وتطوير في المخرجات والنتائج والتأثير.
ونتيجة لوضوح المجلس في أهدافه وتركيزه السليم على مجالات الجودة وتطبيقاتها المختلفة أثمرت برامج وأنشطة متميزة قام بها وأشرف عليها وأسهم فيها المجلس السعودي للجودة خلال العشرين سنة الماضية، واتسمت بالتطور في أنشطته كمياً ونوعياً فبدأت في السنوات الخمس الأول بما لا يتجاوز خمس محاضرات في العام إلى أن وصل إلى أكثر من 50 محاضرة في العام الواحد عبر مختلف الأنشطة، حتى أنها جعلت خبير الجودة العربي المسلم البروفيسور محمد زايري يصف المجلس بأنه أعجوبة miracle.
والمجلس السعودي للجودة ومن خلال حماس والتزام قيادته الإدارية وأعضاء اللجنة التنفيذية غرس مفهوم العمل المستدام، فمسيرته عطرة بهذه الصفة المهمة في مسيرة نجاح أي منظمة، فهو -بحمد الله- لا يعرف الكلل أو الملل، ولم يعرف عنه انقطاع كلي أو جزئي كما يلمسه الجميع اليوم في جل الجمعيات المهنية الوطنية.
وإن من أبرز أسرار تزايد وتنامي أنشطة المجلس السعودي للجودة أن لديه مركز تفكير متجدد ممثلاً في خزان أفكار Think Tank، يتم تغذيته في كل اجتماعات أعضاء اللجنة التنفيذية بما لا يقل عن خمس إلى عشر أفكار جديدة لأنشطة وبرامج تتعلق بالجودة. ومشروع مركز التفكير بدأه المجلس منذ أكثر من سبع سنوات، فكان بالفعل مصدرا دائما وثريا بالأفكار الإبداعية والرائعة، التي تم تنفيذ فقط أقل من 50 في المائة منها.
وإن من أبرز الثمرات الرئيسة التي نجح المجلس السعودي للجودة في الوصول إليها هو نجاحه في أن يكون مظلة وطنية للمهتمين والمتخصصين في الجودة ومفاهيمها وتطبيقاتها، فهو يضم أكثر من أربعة آلاف عضو من مختلف الجنسين ومن مختلف الجنسيات والمستويات الإدارية والعلمية، وبعضهم يعد مرجعاً في مجاله الدقيق وأصبح من أعضاء المجلس مؤلفون وكتاب ومحاضرون على مستوى عال من العلم والمعرفة في مجال إدارة الجودة وتطبيقاتها.
وقد قدم المجلس السعودي للجودة مساهمات وطنية ناجحة وبارزة في سماء وطننا الغالي بالتعاون والشراكات مع شتى المؤسسات الوطنية في القطاعات الحكومية والصناعية من أجل رفع راية الوطن في مجال الجودة، والدفاع عنها وتحسين البيئة الإدارية الداخلية سواءً في المجالات الإنتاجية أو الخدماتية. وإن من أبرز المساهمات الوطنية المهمة للمجلس السعودي وقياداته في مسيرة الوطن تجاه جعل الجودة خيارا استراتيجيا ما يلي:
• إقامة المؤتمرات والملتقيات
• المساهمة في إعداد ودعم وتقييم جوائز الجودة والتميّز المؤسسي مثل:
o جائزة الملك عبد العزيز للجودة كشريك رئيس.
o جائزة الطائف للأداء الحكومي المتميز
o جائزة السبيعي للتميُّز في العمل الخيري
• اهتمام المجلس بنشر مفاهيم الجودة عبر مختلف مصادر المعرفة .
• تميُّز المجلس السعودي للجودة بالمساهمات الإقليمية والعالمية.