أوجه التعاون الاقتصادي العربي - الآسيوي .. وأذربيجان

احتضنت العاصمة السعودية، الرياض فعاليات أعمال الدورة الأولى لمنتدى الاقتصاد والتعاون العربي مع دول آسيا الوسطى وجمهورية أذربيجان خلال الفترة من 11 إلى 13 من أيار (مايو) من العام الحالي.
هَدف المنتدى إلى تنمية وتعميق التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين الدول العربية ودول آسيا الوسطى وجمهورية أذربيجان، ضمن إطار مؤسسي، بغية الوصول إلى بناء شراكة تشمل جميع مجالات التعاون الاقتصادية الممكنة، بما في ذلك مجالات التعليم والطاقة والثقافة والصحة والتكنولوجيا.
وما يعزز من إمكانية إقامة علاقات اقتصادية وتجارية مستقبلية جيدة بين دول آسيا الوسطى وجمهورية أذربيجان والوطن العربي، الدلالات التاريخية التي تؤكد وجود نقاط التقاء عدة بين هاتين الكتلتين، والتي يتوقع لها أن تمهد الطريق أمام تطوير تلك العلاقات على كل الأصعدة والمستويات، ولا سيما في ظل وجود موروث حضاري وتاريخي كبير يعود إلى قرون عدة، والذي أشار إليه الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية، في كلمته التي ألقاها أمام المشاركين في المنتدى، عندما عاد بالماضي إلى الوراء وتحدث عما شهده طريق الحرير من التواصل والتلاقي بين ثقافتنا وثقافات تلك الدول، مستشهداً في ذلك بالقوافل التجارية، التي أسهمت في بلورة الحضارة الإنسانية آنذاك عن طريق علماء الفقه والحديث من أمثال البخاري والسمرقندي والنسائي، وعلماء الطب والفلك والرياضيات على شاكلة ابن سيناء والفارابي والبيروني والخوارزمي وغيرهم من العلماء والمفكرين. وأشار في الوقت ذاته إلى أن تداعيات الزمن وانحسار عوامل الاتصال والترابط لأسباب مختلفة، أسهمت في التباعد فيما بيننا وبينهم وأزالت ما كان يربطنا من جسور وما كان يجمعنا من وشائج، مؤكداً ضرورة التجمع اليوم، وضع أهداف واضحة وغايات محددة يتعين التركيز عليها وبلوغها وتهيئة كل السبل المتاحة لتحقيقها.
إعلان الرياض هو الآخر، جاء ليؤكد أهمية تطوير العلاقات الاقتصادية بين الوطن العربي ودول آسيا الوسطى وجمهورية أذربيجان، وإقامة شراكة بين الطرفين للمساهمة في تحقيق التنمية المنشودة، ولا سيما أن هناك آفاق تعاون اقتصادي واسعة ومزايا عديدة تتمتع بها جمهوريات آسيا الوسطى وجمهورية أذربيجان، بدءاً من مواردها الطبيعية الغنية، ووصولاً إلى الفرص الاستثمارية الواعدة المتمثلة في إنتاج الغذاء وتوليد الطاقة والصناعات البتروكيماوية والتعدين والسياحة وغيرها.
ومن هذا المنطلق أكد بيان الرياض أهمية توسيع نطاق التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي بين الدول العربية ودول آسيا الوسطى وجهورية أذربيجان، وتشجيع الاستثمارات المتبادلة، وإيجاد مناخ مناسب لجذب رجال الأعمال والمستثمرين من الجانبين، ودراسة العوائق التي تواجه انسيابية تدفق الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، والعمل على إزالتها، بما في ذلك إبرام اتفاقيات ثنائية لحماية وتشجيع الاستثمار وتفادي الازدواج الضريبي، إضافة إلى ضرورة تعزيز وتوثيق التعاون في مجالات الطاقة والطاقة المتجددة، والطاقة النووية للاستخدامات السلمية، والتجارة، والنقل، ووسائل الاتصالات الجديدة، والبيئة، والتنمية المستدامة، والزراعة، وبناء القدرات والتدريب، والسياحة، والإحصاءات وقواعد البيانات، وحقوق الملكية الفكرية، والصناعة، والبحث العلمي، وفتح آفاق لتمويل المشاريع الاقتصادية والاستثمارية المشتركة. ولم يغفل البيان أهمية العمل على تعزيز وتطوير قطاعات النقل البري والبحري والجوي والسكك الحديدية بين الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية ودول آسيا الوسطى وجمهورية أذربيجان، والتعاون في إطار "الاقتصاد الأخضر" بما في ذلك قضايا البيئة والزراعة والطاقة، ولا سيما في ظل الإمكانات المتاحة في آسيا الوسطى وجمهورية أذربيجان والدول العربية كمصدر واعد للكهرباء والمنتجات الصديقة للبيئة والمنتجات الزراعية والموارد الغذائية.
ولإعادة الحيوية إلى العلاقات العربية مع دول آسيا الوسطى وجمهورية أذربيجان، فإن الأمر يتطلب برمجة التوصيات والقرارات التي تمخضت عن إعلان الرياض وتحويلها إلى خطة عمل قيد التنفيذ، بحيث يوضح من خلالها الأولويات والمسؤوليات والأدوار المنوطة بأصحاب العلاقة، بما في ذلك وضع برنامج لإزالة المعوقات والصعوبات، التي تواجه رجال الأعمال والمستثمرين في تلك الدول، التي من بينها - على سبيل المثال لا الحصر، ضعف وتواضع وسائل النقل التي تربط بين الدول العربية وتلك الدول، ما يفرض الحاجة إلى ضرورة تفعيل وسائل نقل مثل خطوط الطيران وسكك الحديد بين الكتلتين لتيسير وتنشيط حركة تنقل البضائع والاستثمار. كما أنه من المهم جداً إنشاء كيانات اقتصادية مشتركة بين الكتلتين، تجمع بين القطاعين العام والخاص في الكتلتين، بحيث تكون بمثابة المحرك الرئيس في البدايات للاستثمارات المشتركة وتبني تنفيذ المبادرات والبرامج، التي من شأنها، كما يقولون، تحريك المياه الراكدة. كما أن الأمر يتطلب أن يكون لمجالس الأعمال في الدول العربية وتلك الدول بما في ذلك الغرف التجارية ومجالس الغرف، أدوار مهمة في إحداث التغيير المنشود في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الكتلتين، وبالذات فيما يتعلق باستكشاف بما في ذلك البحث عن الفرص الواعدة في المجالات كافة، مثل الصناعة والطاقة والغاز والزراعة والسياحة والمصارف والصحة وغيرها من المجالات. كما أن الأمر يتطلب أن يكون لمؤسسات ضمان الاستثمار دور مهم وحيوي في المرحلة المقبلة، بتوفير الضمانات اللازمة للاستثمار في تلك الدول، إضافة إلى الاستفادة من تجربة البنك الإسلامي للتنمية في تطوير المشاريع التنموية في البلدان التي قام البنك بالمساهمة في تطويرها عن طريق منح التمويل ومتابعة تنفيذ المشاريع. أخيراً وليس آخرا، إن تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الوطن العربي ودول آسيا الوسطى وجمهورية أذربيجان، يتطلب العمل على إيجاد قاعدة للمعلومات عن مجالات وفرص الاستثمار المتاحة بتلك الدول وكيفية الاستفادة منها، إضافة إلى ضرورة التوقيع على اتفاقيات من شأنها تنشيط التعاملات والتبادلات التجارية بين الدول العربية وتلك الدول، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، اتفاقيات لمنع الازدواج الضريبي وأخرى لحماية الاستثمارات. كما أنه يعول على سفارات الدول العربية في تلك الدول أن يكون لها دور فاعل ومهم في تذليل العقبات القائمة وتنشيط التعاون الاقتصادي بين الكتلتين خلال الفترة المقبلة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي