حاكموهم .. عاقبوهم
جاء نجاح قوات الأمن في تعقب قيادات الإرهاب وأذنابه، التي كان آخرها قتل المطلوب وليد الردادي، ليجسد على أرض الواقع عزم المملكة المتواصل على اقتلاع جذور الإرهاب، وليعيد إلى الأذهان تأكيدات خادم الحرمين الشريفين " أن الإرهابيين مجرمون سفاحون تجردوا من كل القيم الإسلامية والإنسانية وخرجوا عن كل القيم الأخلاقية وأصبحوا وحوشاً ضارية لا هم لها سوى سفك الدماء وترويع الآمنين".
وكذلك قوله ـ حفظه الله - إن "الشعب السعودي بأكمله بشيوخه وأطفاله ونسائه ورجاله يقف صفاً واحداً متماسكاً يدين العمل الإرهابي ويتبرأ من فاعليه وأن الشعب السعودي كله في صف واحد مع قوى الأمن الباسلة في مواجهة القتلة المجرمين".
وجاءت استجابة الشعب السعودي الواعية لهذا التأكيد في تعاونه مع الجهات الأمنية وهو الأمر الذي أدى إلى وأد العديد والعديد من العمليات الإرهابية التي لو نجحت لكانت آثارها مدمرة على كل النواحي البشرية أو الاقتصادية أو غيرها. جاء هذا التعاون من منطلق أنه واجب ديني بمقتضى قوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى)، ومن منطلق أنه واجب وطني يحتمه الانتماء للوطن والحفاظ على أمنه واستقراره، خاصة بعد التضحيات العظيمة التي قدمها رجال الأمن والتي بذلوا فيها النفس والنفيس من خلال ضرباتهم الاستباقية وملاحقة هذه الفئة في أوكارها والكشف عن جحورها التي تختبئ فيها، والتي أسقطت عددا من شهداء الواجب كان آخرهم النقيب ظافر النفيعي ـ رحمه الله - الذي استشهد يوم 18 ربيع الأول.
جاءت جهود المملكة في مكافحة الإرهاب في إطار متكامل داخليا وخارجيا، ففي إطار حرص المملكة على تضافر الجهود الدولية للتصدي للإرهاب واقتلاعه من جذوره ومنع أسباب استفحاله وتجفيف مصادر تمويله، فقد رعى خادم الحرمين الملك عبد الله في عام 1425هـ مؤتمر قمة استثنائي لمنظمة المؤتمر الإسلامي شارك فيه أكثر من خمسين بلدا. وأقر كل أعضاء المنظمة ضرورة التصدي لإساءة تفسير الإسلام بالعنف وتجريم كل أنواع الإرهاب وممارساته بما في ذلك تمويل الإرهاب والتحريض عليه. تلا ذلك عدد من المؤتمرات والندوات التي نظمتها المملكة للتصدي لهذه الظاهرة المقيتة فضلاً عن جهودها مع عدد من المنظمات المعنية في هذا الإطار.
أما على الصعيد الداخلي فقد استخدمت المملكة خطين متوازيين لمكافحة الإرهاب الأول المعالجة الأمنية حيث نجح رجال الأمن السعوديين بكل شجاعة وإتقان في حسم المواجهات الأمنية مع فئة البغي والضلال، من خلال القضاء على الفكر الضال وأصحابه، مع الحفاظ على حياة المواطنين وحرياتهم، كما حققوا إنجازات غير مسبوقة تمثلت في الضربات الاستباقية والتي أدت إلى إفشال أكثر من 95 في المائة من العمليات الإرهابية.
والخط الثاني تمثل في المعالجة الوقائية عبر عدد من المبادرات والجهود كان أهمها إعلان خادم الحرمين الشريفين في الخامس من شهر جمادى الأولى 1425هـ عن عفو ملكي عن كل من يسلم نفسه ممن لم يقبض عليه في عمليات الإرهاب واستفاد من هذه المبادرة عدد كبير من الأشخاص، هذا بالإضافة إلى مواجهة الفكر بالفكر وهي المهمة التي تصدت لها وزارات: الداخلية، الثقافة، الإعلام، الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، التربية والتعليم، التعليم العالي وغيرها من الجهات ذات العلاقة .
وهكذا وقفت السعودية موقفاً حازماً وصارماً ضد الإرهاب بكل أشكاله وصوره على الصعيدين المحلي والدولي، فتكسرت أذرع الإرهابيين على يد سواعد رجال الأمن البواسل وتهاوت أفكارهم الضالة بعد أن تصدى لها علماء المملكة، حيث كانت كلمة القيادة والشعب وقوى الأمن واحدة، وهي: لا مكان للإرهاب أو الفكر الذي يغذيه ولكل رأي يتعاطف معه. بقي أن أؤكد هنا على أهمية الإسراع في محاكمة رؤوس الفتنة وإنزال أقصى العقوبات في حقهم أمام الملأ؛ وذلك بعد استكمال إجراءات اعترافاتهم التي ستؤدي دون شك إلى وأد خططهم وإفشالها. وأعتقد أن من شأن ذلك أن يردع كل من تسول له نفسه الانخراط في طريقهم الإجرامي.