شارما

راجيش كومار شارما تاجر هندي يبلغ الأربعين عاما ويملك محلا تجاريا في نيودلهي، قدم إلى هذه المدينة المكتظة سكانيا قبل أكثر من 20 عاما ليدرس في كلية إدارة الأعمال، وبسبب فقره لم يكمل دراسته، فاتجه إلى التجارة ونجح فيها، وحين كان يمر بأحد الأحياء الفقيرة لاحظ أن الأطفال في هذا الحي يقضون أوقاتهم في اللعب بالطين وهدر أوقاتهم بما لا فائدة منه؛ نظراً لعدم وجود مدرسة حكومية في منطقتهم الفقيرة، لذلك قرر فعل شيء حيال ذلك، فقام بالاجتماع بأهاليهم وإقناعهم بضرورة تلقي أبنائهم العلم بدل اللعب بالطين وممارسة أعمال لا تتناسب وأعمارهم بحجة مساعدة أهاليهم على مصروفات الحياة. ولأن شارما كان مؤمنا بأن "العلم هو أهم سلاح لشباب الهند وحرمانهم منه يعني الحكم عليهم بالضياع" فقد نجح في إقناع الأهالي وتحمسوا كثيرا لفكرته.
قام بتخصيص مساحة تحت أكبر الجسور في نيودلهي "المترو" ليقدم بنفسه دروسا للأطفال بصورة يومية تعوضهم عن المدرسة، فقام بتفويض شقيقه لإدارة المحل أثناء الساعات التي يقدم فيها دروسه لهؤلاء الأطفال الفقراء والمشردين، وقام بطلاء جدران الجسر باللون الأسود ليجعل منها سبورة، واختار مكانا معينا تحت الجسر ليقي تلاميذه من الأمطار حين تهطل، وقام بتوفير الأقلام والأوراق والسجاد الذي يجلس فوقه الأطفال أثناء الدروس.
قام شارما بتدريس مناهج القراءة والكتابة والرياضيات لأكثر من 140 طفلا بشكل يومي وكان حريصا على تطبيق المنهج الحكومي في تدريسه لتتسنى لطلابه القدرة على الالتحاق بالمدارس الحكومية فيما بعد, وهذا ما حصل فعلا، فقد التحق 70 منهم بمدارس التعليم الحكومية المنتظمة.
المعلم شارما لا يطبق أي ضوابط وأنظمة صارمة على حضور التلاميذ لتلقي دروسهم تحت الجسر، ورغم ذلك فإن أحدا من تلاميذه لم يتغيب إطلاقا، بل كانوا يحضرون إخوتهم الأصغر سنا يوميا معهم ليستفيدوا من الدروس ولم يمانع شارما في ذلك نظرا للهدوء والانضباط اللذين يتمتعون بهما.
الرغبة الجادة والالتزام والحرص على مستقبل الأطفال والرؤية التي عمل بها المعلم أرضخت الحكومة الهندية لمطالبه وجعلته قوة لا يستهان بها في المنطقة, وحظي باحترام جميع من عرفه وتهافتت وكالات الأنباء لمعرفة قصته الملهمة.
وخزة
يقول أديسون "إذا فعلنا كل الأشياء التي نستطيع القيام بها فسنشعر بالذهول التام من أنفسنا".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي