ثقافة أدوات التحوط والملاذات الآمنة

الحكمة تقول أن التحوطات والملاذات الآمنة يجب أن يفكر بها أصحاب رؤوس الأموال والشركات بشكل مستمر، إلا أن أهميتها تزيد في الأزمات والحروب، ومع تذبذب الوضع العالمي والأزمات الدولية المتتابعة فإن من المهم أن تسع الشركات المحلية إلى وضع سيناريوهات التحوط والملاذات الآمنة لعملها التجاري وكيف من الممكن أن تتعايش مع هذه المتغيرات.

من وجهة نظري هذه الثقافة تكاد تكون معدومة في شركاتنا المحلية، وما هو موجود منها إنما هو فكر فردي لرجال أعمال في مجالس إدارات يسيطرون عليها وليست ثقافة سوق، فيندر أن نجد مجلس إدارة يتحدث عن مستهدفات الاحتياطيات لديه، أو كيفية تنويع مصدر الدخل عندما يناقش ميزانية السنة المقبلة أو جلسات توزيع الأرباح، ومجموعة من الشركات الأم لدينا عندما تفكر في إنشاء شركات متفرعة عنها تجدها تنشئ شركات في التخصص ذاته، أو أنها توسع نطاق عمل الشركة ذاتها على حساب ما هو موجود من احتياطي.

طبعاً لا يعني أن ما تفعله تلك الشركات أمر خاطئ لكن الأصح هو وضع ما لا يقل عن 10% من الاحتياطيات في استثمارات تختلف جذرياً عن أعمال الشركة وكذلك التفكير في الدول الآمنة وعمل المشاريع التنموية بها أو تملك العقارات أو ما شابه ذلك.

فنحن نجد أن عدد شركاتنا المحلية العابرة للقارات ليس بالكبير مقارنة بحجم السوق وعدد الشركات بشكل عام لدينا، بل قد ينحصر الأمر على عدد من الشركات الكبرى ممن اتخذ مثل هذا القرار أو التي تمتلك الدولة أسهماً فيها، إني أقصد بحديثي هنا عن فكر وثقافة الشركات المحلية عموماً سواءً الكبيرة منها أو الصغيرة، فالشركة ذات رأسمال (خمسين مليون ريال) وهي كثيرة تستطيع أن تنحو هذا المنحى في الاحتياطيات والملاذات الآمنة.

لقد تبنت هيئة السوق المالية الأمريكية هذا المنحى ونشرت ثقافة التنويع بين الشركات الأمريكية منذ سبعينيات القرن الماضي لنجد شركاتها تناقش ما نحن بصدده بشكل مستمر وتنظر للتحوطات والملاذات الآمنة بقدر ما تنظر للميزانيات والخطط التشغيلية والتسويقية، وهو سبب الهيمنة الفعلية والتطور والتقدم والانتشار العالمي.

لقد اقتصر دور إدارة المخاطر لدينا على النظر إلى محدد تأثر المركز المالي للشركة، رغم أن دور إدارة المخاطر أكبر من ذلك بكثير، فحسب هيئة سوق المال الأمريكية هناك 9 محددات يجب أن تنظر إليها إدارة المخاطر، تم جمعها بالمبدأ المهم ألا وهو التنويع (DIVERSIFY)، فإدارة المخاطر الناجحة هي التي من المفترض أن تطلع مجلس الإدارة والملاك على الرؤية الكاملة للسنة المقبلة ومدى تأثير السوق والأحداث في وضع الشركة، كما تضع رأيها بكل شفافية فيما يتعلق بصحة قرارات مجلس الإدارة فيما يتعلق بالاحتياطيات وكذلك قرارات التوسع لأهداف الملاذات الآمنة، ليكون تقريرها يقود الشركة إلى بر الأمان تزامناً مع مرئيات الخبراء ذوي الصلة وعلى رأسهم الخبراء الإكتواريين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي