هل بقيت فرص للتنمية؟
هل بقيت في العالم فرص يمكن لنا أن نستغلها لنخرج من التأخر المعرفي، والصناعي، ولنكون مثل دول نجحت بعد تأخرها لتكون علامة منافسة في إبداع أو صناعة جديدة تعتمد أساليب علمية أو فنية مبتكرة يعبر عنها بمفهوم (اقتصاد المعرفة) وهو معنى واسع للتطوير الذي يدعمه استثمار صناعي، أم أن الفرص انتهت؟ وصار الابتكار القابل للصنيع يحتاج إلى مختبر وتجهيز ليسا في متناول الدول الأقل نموا.
المنظرون الجدد يعرفون أن الأساليب التي تطورت بها دول الشرق، والتي جاءت من باب العمالة الرخيصة لا تكفي اليوم، فالبنيات الأساسية للصناعات بكل ما تحتاج إليه لا تجعل الأعمال ترحل بمجرد أن تتحسن الحالة الاقتصادية للبلد وترتفع الأجور، وأن تكون الصناعات مربوطة باستثمارات محلية وليست أجنبية بكل تمويلها وإدارتها.
تطور دول الشرق الأقصى ومنافستها للغرب ليس معجزة كما يصفها المحاورون والخطباء، بدأت القصة حين قرر صناع الغرب الهروب من الضرائب والنظم العمالية، وغلاء اليد العاملة، وجاء الغرب بمصانعه ودرب أبناء البلاد لوقت قصير، وصدر الإنتاج فبدأ الناس يعون هناك وسنوا نظم عمل وإدارة ودارت عجلة النمو وهي عجلة عندما تدور لا تتوقف.
ليس بالضرورة أن تأتي شركات ومصانع غربية، المهم أن تكون لدى الدولة الرغبة في بناء اقتصاديات محلية، وتدعو الناس للعمل وتحمي الناس من بعضهم ومن الاحتكارات الخارجية والإغراق، فإذا دارت عجلة الإنتاج والتسويق استطاع البلد أن ينتج سلعه بنفسه ويبيع الفوائض لمن يشتريها.
عندما حدث هذا في الشرق الأقصى لم لم يحدث في الشرق الأوسط؟ لم تكن الإدارة السياسية واحدة، ولم يكن هناك في البلاد العربية ضمانات على الاستثمار الأجنبي، وحتى محاولات بعض الرأسماليين في مصر ودول المغرب والسودان عصفت بها العواصف، فما إن يزهر مشروع استثماري أجنبي، ويبدأ بتوظيف أبناء البلد، حتى توضع في وجهه العوائق ويتم الاستيلاء عليه، ويحدث هذا حتى في أوقات الاستقرار فما بالك بأوقات الثورات والتقلبات السياسية.
بقي سر التطور في قانون مطبق يحمي الاستثمار من التقلبات وأهواء الفاسدين المفسدين، وهو مرض العالم العربي المزمن، ومعوق كل صناعة وتطور ونمو.
السؤال من جديد: هل بقي في العالم فرص وآفاق للتطور؟ الجواب ليست معجزة في حال وجود بيئة صحيحة ليس ببنياتها الأساسية فقط، بل ببنية قانون تحيد الفساد وتحمي النمو.