تضامن السعودية مع الأشقاء في السراء والضراء

إنه يوم من أيام التضامن مع الشعب السوري المتصلة، التي لا تنقطع؛ ليس فقط في زحمة المحنة التي يعيشها هذا الشعب، ولكن أيضاً خارجها. فالتضامن السعودي مع الأشقاء السوريين، حاضرٌ في زمن الاستقرار والأمان وفي أوقات الأوجاع والآلام. واليوم الذي أطلقه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، للتضامن مع أطفال سورية، هو جزءٌ من تلك العلاقة الحاضنة بين المملكة وشعب سورية، الموجودة بصورة تلقائية، التي أخذت أشكالاً أخرى حاضنة أيضاً، من فرط الفظائع التي يرتكبها بشار الأسد، تلك التي طالت كل شيء، وكل شرائح المجتمع السوري، وفي مقدمتها الأطفال، الذين يدفعون للثورة الشعبية في البلاد، ضريبة الكراهية والإجرام من نظام يُفترض أن من واجبه توفير الأمان لهم، وصيانة كرامتهم. كانوا الهدف السهل الأول له، ولا يزالون كذلك، فلا غرابة استخدامه حتى الأسلحة الكيماوية سعياً لإبادتهم.
انطلق يوم التضامن مع أطفال سورية على أرض المملكة، والذي يتابع مثل هذا الحراك في السعودية، يعرف النتائج مسبقاً. لقد شهدت حملات التبرعات التي أشرف عليها المسؤولون السعوديون في السابق، تبرعات من نساء سعوديات بحليهن، ودفع الآباء والأمهات أبناءهم وبناتهم للمشاركة المباشرة في عمليات التبرعات والتضامن مع الشعب السوري الشقيق. وسع هذا الحراك نطاق ثقافة التضامن برعاية مباشرة من أعلى مقام في المملكة. وفتح الأبواب على مصاريعها، لنشاط اجتماعي خيري منظم ومأمون، خصوصاً بعد أن شهدت بعض الساحات انفلاتاً خطيراً في مسألة جمع التبرعات للشعب السوري، استُغلت لأهداف لا دخل لها بحاجات السوريين ولا باحتياجاتهم. وإذا كان الإشراف الرسمي يزيد من زخم الحراك وعوائده، فإن الأمر الملكي لإقامة هذا اليوم، منح الحالة كلها آفاقاً لا حدود لها.
يوم التضامن مع أطفال سورية، هو يوم آخر من أيام خيرات المملكة. التي حسمت الأمر منذ البداية بإطلاق الحملة الوطنية السعودية لنصرة الأشقاء في سورية. وهذه الحملة وفرت العون والمساعدة لكل السوريين الذين يحتاجون إليها، بصرف النظر عن أماكن وجودهم. فقد شملتهم في الأردن وتركيا ولبنان. وهناك مساعدات تصل بصورة أو بأخرى إلى بعض المناطق في الداخل السوري المحاصر الذي أضحى كما الأشلاء. ولم تتوقف المملكة عن سعيها على الصعيد السياسي، لوضع العمل الإغاثي في إطار قرار دولي واضح وحاسم. وقد بلغ تحركها حداً نشر توتراً في علاقاتها مع بعض الأطراف المتردّدة. فالقضية الإنسانية في مفهوم القيادة السعودية تتجاوز السياسية، وإنقاذ إنسان بريء (فكيف الحال بطفل) يستحق كل جهد، بصرف النظر عن تبعات هذا الجهد.
إن رمزية يوم التضامن مع أطفال سورية، تشير أيضاً إلى التحرُّك السعودي في مجالات أخرى متصلة. سواء عبر الجسور الإغاثية البرية والجوية، أو من خلال برامج إنسانية أخرى متنوعة، وأيضاً مشاريع رعاية الطلاب والتلاميذ السوريين، إضافة طبعاً إلى المشاريع الصحية المختلفة، بما في ذلك تلك التي ترتبط بعمليات توليد اللاجئات السوريات. لقد وصلت تكاليفها مجتمعة إلى 565 مليون ريال. ولو كانت هناك فرص أخرى، ليس مهماً مستوى التكاليف، المهم هو تحقيق الأهداف، وكل ذلك أسهم بصورة مباشرة في تخفيف المعاناة عن كواهل النازحين واللاجئين السوريين. يوم التضامن مع أطفال سورية، سيظل يوماً تضامنياً سعودياً متصلاً. إنها عملية لا تتعلق بمحنة، بل بروابط جمعت شعبين شقيقين، برعاية مباشرة مع أسمى موقع في المملكة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي