غش وتزوير ومخالفات
لا يمر يوم من دون أن تشاهد مخالفة تحدث أمامك, سواء برؤية العين أو قراءة في صحيفة أو مشاهدة تلفزيونية أو قصة تحكى لك, فتستطيع يوميا أن تشاهد مخالفات مرورية بلا نهاية, وعند كل إشارة وفي كل شارع أيا كانت هذه المخالفة من دون تفصيل, تستطيع أن تقرأ يوميا في الصحف, القبض على 150 و200 و400 مخالف مقيم بصورة غير نظامية, ويتم القبض عليهم يوميا, القبض على سحرة يوميا, تهريب مخدرات وحشيش وقات وأسلحة وقنابل, وقد نصل إلى معدات ذات حجم كبير. تستطيع أن تقرأ في الصحف إغلاق مركز صحي خاص لسبب بسيط أنه غير مرخص أو أن مدير طبيب في هذا المركز يكتشف أنه سباك أو نجار, القبض على مزوري إقامات وجوازات وعملات وعلامات تجارية, كل شيء ممكن أن يصنع ويعمل, يتم القبض عليهم يوميا, القبض على محطات سيارات تمارس الغش في الزيوت بصور أو أخرى, تاجر يغش لأنه يوظف عمالة سعودية بالورق والحقيقة لا شيء من ذلك, مساهمة تفتح وتجتذب الأموال بمئات الملايين، وفي النهاية يهرب بهذه الأموال ولا نهاية للقصة فتعلق سنوات وسنوات. هذا مختصر جدا لما نشاهده ونسمعه يوميا من مخالفات تحدث في مجتمعنا وكلها تختص بالجانب الاقتصادي ولها أثرها الاجتماعي, وهي لا تنتهي بل تتزايد يوما بعد يوم, لم أدخل في موضوع السرقات اليومية التي تحدث من سطو على منازل وعلى الأشخاص في الشوارع لتستهدف هواتفهم الجوّالة أو النساء في حقائبهن الخاصة, وغيره, بل حصرتها في ثلاثة جوانب لا للحصر ولكن لظاهرتها التي وصلت حدا لا يمكن أن تطاق أو السكوت عنها.
أستغرب هذا الذي يحدث في مجتمعنا, وأرجو ألا يقال إننا بالمستوى الطبيعي عالميا, لقد أصبحت شيئا ملموسا لكل مواطن, حتى أن المواطن أو غير المواطن, قد لا يأمن السير في الشارع بسبب السرقات والسطو الشخصي. لقد أصبحت العمالة المخالفة هي السائدة في مجتمعنا, وتهرب لكل مناطق المملكة, منها مَن تخلف من العمرة أو الحج وتسلل, ومنها من استقدم من مواطن سعودي وتركت له حرية العمل لكي يحصل على جباية شهرية له. أصبح الغش سمة السلع الموجودة في السوق, ومصدر تجارة لهؤلاء العمالة غير النظامية وتستنزف الاقتصاد الوطني, أصبح تمرير المكالمات الهاتفية مصدر تجارة لهؤلاء ومنه تخسر شركة الاتصالات والاقتصاد الوطني الشيء الكثير, أصبح مجتمعنا يسوده ويطغى عليه عمالة مقيمة بصورة غير شرعية, تمارس أي تجارة، المهم تحقيق المال, وشاهدنا وقرأنا القبض على تجار مواد جنسية ومسكرات وغيره, وحين يتم القبض على هؤلاء, تكون الغالبية تغادر لأوطانها والتكلفة تتحملها الدولة, ولكن ما الضمانة أن هؤلاء لا يعودون مرة أخرى باسم جديد وجواز آخر.
ما أود أن أصل إليه, أن كل تطور اقتصادي واجتماعي له ضريبته, ومكانة المملكة الإسلامية التي تجبرها على الاستضافة المستمرة لكل الجنسيات, تضعها أمام صعوبات كبيرة وتحديات مستمرة داخلية, ولكن ما يجب أن يتم هو أن تقف كل الجهات الحكومية وكل حسب مسؤوليته، أن يقفوا بحزم شديد أمام كل هذه المخالفات والتجاوزات, سواء في الغش والتستر وغيرهما, أو في التزوير وتخلف المقيمين والإقامة غير النظامية, والمرور وكل ما يتعلق بالسلامة المرورية. لا نريد أن نشاهد هذه العشوائية والمخالفات التي تشمل المواطن وغير المواطن, وكأن القانون غائب وغير مفعل. يجب أن نضع الأنظمة والقوانين موضع التطبيق والحزم بشدة, وأن يهاب الجميع القانون والعقوبات وكل متجاوز. إن تفعيل الأنظمة وتطبيقها من الجهات المسؤولية سيقضي على هذا العبث الذي نشاهده والتجاوزات التي فاقت كل حد, حتى أصبح الجميع يتساءل, متى تحترم التشريعات والأنظمة وتطبق العقوبات.