منتدى التنافسية السابع .. المهم جذب الابتكار
رغم أن الهيئة العامة للاستثمار جعلت الاستثمار في السعودية عنوانا بارزا لمنتدى التنافسية في نسخته السابعة، الذي ستنطلق فعالياته في مدينة الرياض اليوم، لكن أهم ما يميز الجلسات في هذا الحدث البارز هو روح الابتكار والإبداع والقضايا ذات العلاقة بهما، ولعل هذه القضية بالذات تكون أهم ما سيتحدث عنه الجميع في أروقة المنتدى وبين جلساته، ذلك أن معظم المتحدثين يمثلون شركات عالمية كبرى تربعت على قمة التجارة الدولية اعتمادا على روح الابتكار والإبداع، الذي صبغت به نفسها وتميزت به عن الآخرين. فالابتكار هو الذي يقود عالم الأعمال اليوم، وهو الذي يمكن الشركات من اقتحام الأسواق، وهذه الشركات العالمية المشاركة في المنتدى تقود ما يعرف اليوم باقتصاد المعرفة، بل لعل العديد منها قد تجاوز هذه الحقبة الاقتصادية إلى ما بعدها.
الاقتصاد الكلاسيكي، ولقرون عدة اعتمد على ما توفره الأرض من موارد، أو من خلال ما يقدمه رأس المال من ثروات وتسهيلات، أو من خلال ما يمكن توظيفه من الأيدي العاملة الرخيصة، وبقدر ما تتوافر هذه العناصر في أي اقتصاد يكون حظه في المنافسة والحصول على حصة في السوق العالمية، وتبقى للبعض الذين توافرت لهم الحظوظ نفسها، الميزة التنافسية المرتكزة على التنظيم الإداري القادر على جذب باقي العوامل واختراق الأسواق، لكن العالم اليوم يتجاوز هذه المرحلة تماما، فالمنافسة لم تعد تعتمد على ما توفره الموارد الاقتصادية من مزايا تنافسية بل ما يوفره الابتكار من مزايا. لقد تعلم العالم اليوم من خلال تسخير شبكات اتصال متطورة جدا، أن يستفيد من الموارد الاقتصادية المتوافرة في كل العالم، فلم تعد الموارد حكرا على دولة ما، بل باستطاعة الشركات من مختلف أنحاء العالم أن تستفيد من جميع الموارد في كل الدول ودون الحاجة إلى نقل تلك الموارد أو تخزينها، ولهذا فإننا نجد الشركات التي لم تزل تعتمد على مفاهيم الاقتصاد الكلاسيكي وحتى في الدول الغنية بالموارد تواجه مشكلات تنافسية كبرى، بينما هناك شركات متعددة الجنسيات تحقق مزايا تنافسية كبيرة من خلال الابتكار وحده وهي تستفيد من شراكاتها الدولية في توفير الموارد والتصنيع في جميع أنحاء العالم. إنها الشركات التنافسية، التي تحقق وفرا كبيرا في تكاليف النقل والتخزين والأيدي العاملة الثانوية، بينما تضاعف من القيمة المضافة في المنتجات وتستأثر بنصيب الأسد من الإيرادات كنتيجة للابتكار فقط، فلم تعد أسعار المنتجات تعكس ما تختزنه فيها من خدمات أو من موارد فقط، بل إن قيمة هذه الخدمات والموارد تعد ثانوية أمام القيمة التي يدفعها المستهلكون مكافأة للابتكار.
من المهم إذاً ونحن نسعى نحو جذب الاستثمارات الدولية، أن نهتم بجذب الابتكار أساسا، وجذب الشركات المغامرة التي تستطيع توظيف الموارد لإيجاد قيمة مضاعفة من خلال الابتكار والمنتجات المبتكرة، وهنا يأتي دور منتدى التنافسية وهو يقدم فرصا كبيرة للتواصل مع الشركات العالمية التي حققت تميزا واضحا في اقتصاد المعرفة، كما يقدم فرصة لفهم الأدوات التي يرتكز عليها النجاح في عالم الأعمال اليوم.