ظاهرة التغول
نحن بشر. لسنا أفضل من أحد. ولا يوجد من يزعم الأفضلية علينا. فينا الكريم والشهم والنبيل والمنصف. كما أن فينا اللئيم والخبيث والحرامي.
هذا الطيف البشري الطيب والفاسد موجود في كل مجتمع. الأفضلية تتبدى من خلال التعامل الصالح، مع المحيط الاجتماعي. الناس في مجتمعنا ــــ كما في مجتمعات أخرى ــــ يحرصون على أداء واجباتهم الدينية الظاهرية بشكل كبير. التزاحم الإيجابي أمام المساجد الذي شاهدناه أمس الجمعة ونشهده كل جمعة هو خير دليل على هذا الحرص الإيجابي.
مراقبة طريقة خروج الناس، وتدافعهم لامتطاء مركباتهم، وحالة التغول والفوضى التي يمارسها البعض، تجعلك تتساءل عن أثر الدين فينا؟!.
نحن نتباهى ـــ ويحق لنا أن نتباهى ــــ بالقيم العالية التي يغرسها الدين الإسلامي الحنيف في نفوسنا.
لكننا في الحقيقة لا نرى أثر هذه القيم ينعكس على واقعنا. حيث نشهد تجاوزات من فئة في الشارع، وسواء تهذيب في التعامل، وغش في الأسواق... إلخ. الأمر نفسه نشهده داخل بعض الأسر، من عضل للفتيات، وإساءة للزوجات وأذى للأطفال.
أحيانا يبدو النضج والتقدم في السن على شخص، وبعض المظاهر توحي بأن هذا الإنسان من أهل الدين والطاعة، وهو كذلك، لكن تظهر منه تصرفات تخدش جوهر الدين المتمثل في التعامل الراقي مع الآخرين.
المسألة محيرة جدا. كيف نملك كل هذه القيم العالية والغيرة على ديننا، ولكننا نهمل جانب المعاملة في الدين، ونكتفي بالعبادات الظاهرية فقط؟! هذا أمر يستدعي البحث والعلاج من علمائنا ونخبنا التي ترصد الظواهر الاجتماعية وتبحث عن حلول لها.