إنسانية الملك عبد الله .. مشاريع مستدامة

أعمال الخير التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لا تمثل أخباراً. فهي متكررة ومتنوعة عامة .. محلية وعربية وعالمية. الخبر في هذا المجال، هو أن يكون هناك تأخر في هذه الأعمال، وهو أمر مستحيل. ففي كثير من الأحيان، تسبق أعمال الملك عبد الله الخيرية والإنسانية، حتى مطالبة مستحقيها. وفي أحيان كثيرة، لا تشكل هذه الأعمال أي مفاجآت. ولذلك، علينا ألا ننتظر أخباراً في هذا السياق، بل نتابع نتائج الأعمال الإنسانية الصرفة، وانعكاساتها المباشرة على المستفيدين منها، وعلى روابطها المحلية والإقليمية والعالمية، والتأثيرات الإيجابية لها، على الحراك العام للأعمال الإنسانية والخيرية. والحق، أن كثيراً من الجهات المانحة، تقدمت بخطوات أسرع، على وقع الوتيرة السريعة جداً لأعمال الملك عبد الله. والمشاريع التي أطلقت (وتطلق)، ليست مرحلية، بل مستدامة. وهذا ما يضيف مزيدا من الأهمية والقيمة المادية والتاريخية، لمثل هذه المشاريع.
يدخل مشروع مؤسسة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للأعمال الإنسانية لرعاية مرضى الكلى، في السياق نفسه لكل الأعمال الإنسانية التي تمت (وتتم) برعاية خادم الحرمين الشريفين. وتكفل الملك عبد الله بتوفير وتشغيل ألف جهاز للغسل الكلوي في المراكز المتخصصة، بشكل مجاني وعلى نفقته الخاصة، تدخل في الإطار العام لهذا المشروع ـــ المبادرة. ونقول مبادرة، لأن المشروع في حد ذاته، يمثل قوة دفع ضرورية على الساحة الصحية المحلية والإقليمية والعالمية، ويعطي مزيداً من "الوقود" للحراك الذي يدور في نطاق مواجهة الفشل الكلوي. وهو مرض ينتشر في كل الأرجاء. وفي المملكة يزداد عدد المصابين به، مما يعزز أهمية هذا المشروع. والأجهزة المتطورة التي تبرع بها الملك عبد الله، ستتوزع على مختلف المدن السعودية، وهي ليست حكراً على السعوديين. في المرض لا فرق بين جنسية وأخرى. فالواجب الإنساني أقوى.
في إطار الحراك الذي تشهده دول مجلس التعاون الخليجي في مختلف الساحات، فإن مشروع مؤسسة الملك عبد الله، يمكن أن يشكل أساساً خليجياً في هذا المجال. فالمسألة لا ترتبط فقط بتوفير العلاج الناجع لمرضى الكلى، بل تشمل أيضاً مواجهة هذا المرض، والوصول في "الحرب" ضده إلى أفضل المستويات العالمية. ومشروع الملك عبد الله العالمي، سيسهم في تطوير الوسائل والأدوات في العلاج والوقاية وتخفيف المعاناة عن المصابين بالفشل الكلوي. ومن أهم مزايا هذا المشروع أيضاً، تأهيل وتدريب الكوادر الوطنية، وفق المعايير العالمية. ففي مرحلة لاحقة، يمكن أن يشكل المشروع نفسه، معهدا خاصا لتدريب الكوادر المتخصصة في علاج الفشل الكلوي، ليس محلياً فقط، بل خليجياً وعربياً. دون أن ننسى أهمية هذا الجانب، الذي يمثل في النهاية المحور الرئيس "إلى جانب الأدوات" للمشروع بكل خصائصه.
إن تكفل خادم الحرمين الشريفين بألف جهاز للغسل الكلوي، هو جزء من حراك إنساني للملك عبد الله، ليس له علاقة بالمناسبات فقط، بل بمتطلبات المستقبل. فكل خطوة مدروسة على الصعيد الإنساني، تزيل في طريقها الكثير من العقبات التي قد تعترض العمل الإنساني بشكل عام. ليس هناك أهم من عمل إنساني خيري يستند إلى أسس مؤسساتية، لأن هذه الأسس هي التي تصنع الاستدامة لهذا العمل أو ذاك. وإطلاق مشروع مؤسسة الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمية للأعمال الإنسانية لرعاية مرضى الكلى، هو جزء أصيل من استدامة في نطاق بات يشكل هاجساً عالمياً، مع انتشار هذا المرض القاتل، إذا لم تتوافر الأدوات للتصدي له.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي