بدائل لمكاتب التوظيف الأهلية

بلغ معدل البطالة خلال العام الميلادي الفائت 11.7 في المائة، ولم تستطع المكاتب المرخص لها بتوظيف السعوديين توظيف أحد في القطاع الخاص، على الرغم من أن عدد تلك المكاتب يقارب 338 مكتبا، منها 41 مكتبا تم الترخيص لها في مطلع عام 2013، أما لماذا؛ فإن تقرير وزارة العمل يعزو ذلك إلى عدم مزاولة معظم هذه المكاتب العمل، وعدم تعاون منشآت القطاع الخاص مع من زاول العمل منهم، كما أن العدد القليل من المكاتب التي بقيت تزاول النشاط في السوق بشكل محدود، تواجه صعوبات مالية وإدارية وتسويقية، ومع أنه جرى تطوير بعض الضوابط التي تخص مكاتب التوظيف بما يعمل على زيادة الخدمات التي تقدمها، وصدرت الموافقة السامية على ذلك، إلا أن دورها في التوظيف كان سلبيا.
إن وجود مكاتب مصرحة ومرخص لها يعني أشياء كثيرة؛ منها أن صاحب تلك الشركة أو المؤسسة مصرح له بالعمل، ومن ثم فإن كامل بياناته موجودة لدى الجهة المختصة بالإشراف والرقابة على ذلك النشاط، كما أن مصداقيته ليست محل شك ابتداءً، أما الذين يقتحمون الأنشطة المهنية والتجارية معتمدين على ثقة الجمهور بهم، فإنهم يمارسون المخالفة القانونية أولا ثم يبيّتون النية السيئة ضد الغير، ثم يجنون أموالا غير مشروعة وغير قانونية، فضلا عن ممارستهم سلوكا غريبا على مجتمعنا الذي عهدناه خاليا من أساليب الاحتيال والنصب والغش وسائر السلوكيات التي ترفضها أخلاقنا وقيمنا.
لقد لاحظت شرطة منطقة الرياض أن هناك مَن يمتهنون تقديم خدمة التوظيف الوهمي، حيث تجري متابعتهم، وتعقبهم ورصد تحركاتهم واستقبال بلاغات المواطنين عن هؤلاء المحتالين الذين يدّعون التوظيف بمقابل مادي، والتحذير لا يتوقف من عدة جهات، منها وزارة الخدمة المدنية، فقد حذّرت الغرف التجارية الصناعية في الرياض وجدة والدمام من تزايد هذه الحالات، بعد أن وقفت على شكاوى حقيقية لضحايا تم استغلال حاجتهم إلى العمل، ومهما كانت الأسباب وراء هذا السلوك المشين، فإن أقل ما يمكن اتخاذه بحق القائمين على هذه المكاتب ممّن ثبت قيامهم بالنصب والاحتيال، هو إغلاق مكاتبهم وشطب تصاريح عملهم، بل يجب التشهير بهم بعد محاسبتهم قضائياً، فالبطالة هَمٌّ ثقيلٌ على الشباب والشابات، ومَن ليس لديه ما يقدمه، فإن عليه الاعتذار لعدم وجود وظائف أو فرص يمكن تسويقها للعملاء من الشباب والشابات.
أما ماذا يمكن عمله، فإن من حق الشباب والشابات أن يتجاوزوا هذه المكاتب والتوجه إلى أرباب العمل مباشرة من خلال المواقع الإلكترونية للشركات والمؤسسات، التي توفر التقديم إلكترونياً، ونجحت في أن تختار لوظائفها مؤهلين ومؤهلات دون الرضوخ لمكاتب التوظيف، التي إن سلم الشباب والشابات من النصب والاحتيال، فإنهم لن يسلموا من شروط الابتزاز، ومن الواجب أن تحصل تلك المكاتب على مبالغ مقطوعة أو رسوم ميسّرة أو أن يتحمّل أرباب العمل من شركات ومؤسسات دفع الحقوق المالية بدلا من طالبي العمل الذين لا ينقصهم الإرهاق المالي وتحمُّل التكاليف المجحفة.
إن وزارة العمل تتوجه لتأسيس شركات متخصصة في تقنية المعلومات ومتفرعة من صندوق الموارد البشرية. ومن دون شك فإن وجود شركات حكومية متخصصة في تقنية المعلومات، أفضل بكثير من انتشار الشركات الخاصة، لأن الشركات الحكومية الوطنية تفهم السوق ومتطلباتها وطبيعتها، كما أنها خاضعة للمحاسبة على أخطاء قد ترتكبها، أكثر من تلك التي قد تجبر على وقف نشاطها، لتحل مكانها شركات مماثلة. والأهم من هذا كله أن الشركات الحكومية ستكون تابعة لصندوق استثمارات الدولة، أي أن معاييرها ستكون وطنية خالصة، في مجال تقديم الكوادر والموظفين والمتخصصين، وفق مواصفات عالية الجودة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي