علموا الخطر بالأحمر
بعيدا عن الضجيج والانفعالات العاطفية، ولغة التباكي والتحريض، بعيدا عن كل هذا فقد كان الدفاع المدني يقوم بعمله على أكمل وجه في حادثة البئر التي ابتلعت لمى، بل وكان الدفاع المدني يتعدى طاقاته في محاولة للوصول إلى الفتاة لاستخراجها من هذه البئر المشؤومة، وهي ليست الحادثة الوحيدة من نوعها، ولا الحادثة غير المتوقعة فحوادث السقوط في آبار مهجورة وغير مهجورة، وحتى آبار تقليدية، وحفر في جوانب الطرق، وتجريفات سيول، أو مقاولات، حدثت وتحدث كل يوم، والمسألة لا تعدو جانب الإهمال الذي يجعل بعضهم لا يَحَرُّ البئر، ويتركها فاغرة فاهها لالتهام أرواح بريئة، وفي هذا الموضوع من العبث بالطبيعة توجد حفر ومزالق تتركها شركات ومؤسسات بعد انتهاء عملها وخطورتها على عابري الصحاري والجبال لا تقلّ خطورة عن الآبار، والحفر غير المعلمة التي تركت بعد مشاريع، وكثير منها تختفي معالمها بعد السيول فتكون مثل الآبار مصائد للناس.
لسنا بصدد كم كان العبث بالطبيعة، ولكننا في حملات جادة لحماية الأرواح، ولا نريد هذا المشروع يكون فرديا أو تطوعيا، بل نريد حركة جادة من قبل الجهات المختصة تستعين بجهد الناس لتحديد الآبار المفتوحة والمهجورة وتسويرها ووضع علامات وأعلام حمر تنبه السيارات والأفراد والرعاة لها وتكون هذه الحملة على مستوى المملكة.
أكرر أن مخاطر ما تبقى من العبث ليست آبارا فقط، يسقط فيها الأطفال والعابرون بل جروف مخية على الطرق الجبلية ومهابط حادة في الطرق الصحراوية وحملة لتعليم كل هذا برايات حمر أو ما يبتكره المهندسون لها، ستحد بإذن الله من مخاطرها على الأرواح وستنقذ عشرات السيارات التي تنزلق كل عام في مثل هذه المصائد.
الدفاع المدني لم يقصر في حادثة لمى التي سقطت في البئر ولم يقصر في حوادث السيول، ولكن لا بد من جهد مشترك للجميع يضعون علامات في أماكن الخطر؛ لتنبيه الناس وبعد زمن سيكون الابتعاد عن المخاطر الحمراء سلوكا تلقائيا عند الناس، وتقل هذه الفواجع التي تطالعنا كل يوم بفاجعة مثل فاجعة لمى.
أخيرا الحوادث والكوارث مهما أثارت عواطفنا فهي قضاء الله وقدره، ولم تكن الكوارث الطبيعة بفعل البشر، وتحميل الحكومة والجهات الرسمية كل التقصير ليس منطقيا في المطالبات، فما الحكومة مسؤولة عنه هو دورها في مشاريع وقائية كتسوير الآبار ودورها في التوعية.