«التربية» وملفاتها العالقة

لا أحد يستطيع أن ينكر أو حتى يقلل من دور التعليم في تقدم الأمم ورقيها ورفع قدرتها التنافسية. يمكن للدول أن تتقدم وتنهض مع وجود موارد طبيعية شحيحة كما فعل اليابان وكذلك كوريا، ولكن لا يمكن أن تنهض أي دولة وتنافس وتصنع تنمية مستدامة دون وجود نظام تعليمي فاعل بمخرجات مؤهلة.
لقد استبشر الكثيرون خيراً مع قدوم الأمير خالد الفيصل لوزارة التربية والتعليم، لتحريك هذه الوزارة المثقلة بأعبائها ومن ثم حلحلة ملفاتها المعقدة العالقة. تنتظر الوزير الجديد ملفات كبيرة تحتاج إلى قرارات حاسمة بدأت بوادر هذه القرارات تظهر وتبعث الأمل في تصحيح الأوضاع التعليمية.
مع كثرة الملفات وتشابكها، يبقى ملف "المعلم" في مقدمتها، سواء من حيث اختيار المعلم المناسب بناء على معايير دقيقة، أو رعايته وتحفيزه من خلال ورش العمل المستمرة، والحوافز المالية المناسبة، أو من حيث عدم التراخي في أبعاد المقصر الذي يُسجل ضده تقصير أو إخلال بأخلاقيات مهنة التدريس الشريفة، دون تردد أو تحجج بالخوف من "قطع الأرزاق"، فمستقبل الوطن وأبنائه أهم من مراعاة معلم مقصر في أداء واجبات مهنته. كثير من مديري المدارس لا يملكون الصلاحية لمعالجة تقصير المعلمين.
وتحتل "البيئة التعليمية" المرتبة الثانية من حيث الأهمية، فالبيئة التعليمية في بعض المدارس لا تليق بمكانة المملكة وما حباها الله من إمكانات مادية كبيرة. تشهد بذلك مبان مدرسية لا تتوافر فيها مقومات العملية التعليمية من حيث المعامل والمختبرات والفصول الذكية والمكتبات والملاعب، لأنها إما مستأجرة أو مبان قديمة عفى عليها الزمن أو ابتلاها الله بمديرين تنقصهم معرفة المتطلبات العصرية للعملية التعليمية. لا شك أن تصحيح وضع المدارس يتطلب إجراء دراسة شاملة وجادة لتقييم أوضاع المدارس من حيث المباني وتجهيزاتها ومواقعها بالنسبة للطرق السريعة ومصادر الضوضاء، ولا يقل عن ذلك أهمية تحديد الحاجة المستقبلية لإنشاء مزيد من المدارس أو دمج مدارس معينة نتيجة انكماش أعداد الطلبة فيها. فهناك مدارس كبيرة في أحياء لا يوجد فيها طلبة، ومدارس صغيرة في أحياء مكتظة بالطلاب. نتائج الدراسة ستساعد في وضع خطة عاجلة لتصحيح الوضع من خلال طرح مناقصات واضحة بشفافية تامة.
"تطوير الكتب المدرسية" من خلال فريق علمي مؤهل يتم اختياره على أسس منهجية، بعيداً عن المجاملات والمعارف الشخصية والمحسوبيات، فالوضع لا يحتمل منهج "المحاولة والخطأ" الذي تنهجه الوزارة على مدى العقود الماضية. علاوة ذلك لا بد أن تنهج الوزارة منهجاً واضحاً وصارماً لمكافحة الملخصات التي تعج بها محال "خدمات الطالب" والتي تختزل المقرر في صفحات معدودة، تعتمد على اجتهاد "قاصر" من المعلم، مما يلغي أو يهمش دور الكتاب المدرسي الذي أنفقت عليه الوزارة ملايين الريالات ما بين الإعداد والطباعة!.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي