جباية الزكاة.. قضايا شائكة
بلغت حصيلة إيرادات مصلحة الزكاة والدخل خلال العام الماضي 2013، أكثر من 25 مليار ريال بزيادة 6 في المائة، وكان نصيب إيرادات الضرائب على الشركات الأجنبية من غير ضرائب الشركات العاملة في قطاع البترول قد بلغت نحو 12.3 مليار ريال، ولأن الشفافية في موضوع الزكاة والدخل مهمة للغاية، بل ضرورية، فإن مما تشكر عليه مصلحة الزكاة والدخل أنها بادرت إلى الإعلان عن إيراداتها وتطوير آليات تحصيل تلك الإيرادات، وتفعيل عديد من الخدمات الإلكترونية على بوابة المصلحة، حيث شملت تسجيل المكلفين، وإصدار الرقم المميز، وتقديم الإقرارات الزكوية لمكلفي الحسابات والتقديري، وإصدار فواتير المستحقات الزكوية وسدادها عن طريق نظام سداد.
لقد تناول مجلس الشورى قضايا شائكة عدة مرتبطة ارتباطاً مباشراً بموضوع جباية الزكاة، ومنها معالجة الضعف في تحصيل وجباية الزكاة من المكلفين؛ فقد انتهت اللجنة المكونة لهذا الغرض في هيئة الخبراء إلى ذلك، بعد أن وردها تقريرٌ من مجلس الشورى إثر مناقشته التقرير السنوي للمصلحة، الذي كشف عن معاناة مصلحة الزكاة من ممارسات بعض الجهات الحكومية المتمثلة في تجديد التراخيص والسجلات التجارية دون اشتراط تقديم شهادة الزكاة سارية المفعول.
إن هناك أهمية لإيرادات الزكاة وكذلك الضريبة، ما يتطلب أن تكون عملية التطوير مستمرة ومتواصلة من أجل رفع كفاءة التحصيل السنوي لهذه الموارد المهمة لخزانة الدولة، فالأرقام تشير إلى أن ضريبة الدخل في المملكة تمثل 21 في المائة من إجمالي الإيرادات غير النفطية، كما أن الزكاة الشرعية في المملكة تمثل بين 23 و33 مليار ريال سنويا، ومع ذلك فإن آليات التحصيل لدى مصلحة الزكاة والدخل لا تزال تسير ببطء شديد وتكاد تكون ضحية للروتين الإداري، بل يجد فيها بعض المكلفين مبررا للتقاعس عن سداد التزاماتهم المالية تجاه المصلحة، وهي التزامات على نوعين: شرعية وهي الزكاة، وقانونية وهي الضريبة.
لقد اتجهت مصلحة الزكاة والدخل إلى الوصول إلى المكلفين عبر البريد الممتاز، ووقّعت مؤسسة البريد ومصلحة الزكاة اتفاقية تعاون يتولّى بموجبها البريد تسليم شهادات الزكاة للمكلّفين مباشرة، وذلك تسهيلاً على المكلّفين وتوفيراً لوقتهم وترسيخاً لمبدأ خدمتهم عن طريق الخدمات الإلكترونية، لذا لن يكون المكلف بدفع الزكاة أو الضريبة ملزما بزيارة مصلحة الزكاة والدخل إلا في أضيق الحدود، حيث سيبدأ التطبيق في الإدارة العامة لمصلحة الزكاة والدخل وفرعها في مدينة الرياض ثم على جميع الفروع في المملكة.
إن عدد المكلفين المسجلين في مصلحة الزكاة نحو نصف مليون مكلف، منهم مؤسسات وشركات سعودية ومختلطة وأجنبية، معظمهم يدفع الزكاة من أجل الحصول على شهادة زكاة من المصلحة تمكّنه من التعاقد مع الجهات الحكومية، أي أن الحاجة إلى شهادة الزكاة تدفع المكلفين إلى مراجعة المصلحة وأداء ما عليهم من مستحقات؛ لذا فإن استخدام هذه الوسيلة كفيلٌ بأن يؤدي إلى نتائج إيجابية تصب في مصلحة تحصيل الزكاة والضريبة التي تعاني ضعفاً شديداً في تحصيلها يؤدي إلى فقد مليارات الريالات على الخزانة العامة للدولة. وللحقيقة، فإن جميع المبالغ التي تحصّل من مكلفي الزكاة تودع في حساب الضمان الاجتماعي، وينفق منها على مستحقي الضمان الاجتماعي من الفقراء والمساكين وغيرهم من المستحقين.
إن هناك حاجة إلى إجراءات نظامية تُتخذ بشأن الشركات والمؤسسات والأفراد الذين يمارسون أنشطة تجارية ويتهربون من دفع الزكاة أو الضريبة المستحقة عليهم؛ فدفع الزكاة ليس اختياراً، كما أن جبايتها على الدولة تحقق أداء ركن من أركان الإسلام، لذا فإن الخدمة في إجراءات ومعاملات المكلفين المماطلين والمتهربين في سائر الجهات الحكومية، هي الوسيلة الأفضل لمعالجة التهرُّب الضريبي والزكوي.