اقتراح للشراكة بين القطاعين الخاص والحكومي
برعاية كل من وزير المالية ونائب رئيس صندوق النقد الدولي الصيني لن زهاو أقيمت ندوة "دور القطاع الخاص في اقتصاديات دول المنطقة"، التي نظمها مجلس الغرف السعودي، وأمينه النشط خالد العتيبي. على الرغم من الحضور السعودي المؤثر، إلا أن اللافت كان غياب أمثلة سعودية كافية لشراكة نوعية تتماشى مع التحدي، وحاجة المملكة إلى تحريك الاقتصاد الوطني. فقد أشار لن إلى مدى قلة نسبة الاستثمار من الدخل القومي (أشرت إلى هذه الناحية، راجع الاقتصادية "لا مناص من تخفيض مصاريف الحكومة" عدد 7358 وتاريخ 3 ديسمبر 2013). القطاع الخاص لدينا نشط من الناحية التجارية التي دون قيمة مضافة ملموسة، أو قطاع المقاولات الذي يخلط بين الاستهلاك والاستثمار بطريقة غير واضحة، أو النوع المدعوم مثل البتروكيماويات والأسمنت (بالقيم أو الطاقة أو كليهما). الشراكة الحقيقية لها مقومات؛ منها أن تكون طويلة الأجل وذات قيمة مضافة تستطيع رفع درجة التنافسية وتلمس حياة الناس خدميا واستثماريا. هذا النوع من الشراكة يتطلب شراكة بين الأجهزة الحكومية قبل الشراكة بين القطاعين الخاص والعام.
المثال الجيد الوحيد الذي أعرفه هو استثمار صندوق "سنابل" في شركة أكواباور التي أصبحت مثالا جيدا للدخول في مجال المنافع والطاقة المعقد مالياً، وكذلك بمدى ارتباطه بالأنظمة الحكومية. تسعى المملكة لتأسيس شبكة مترو في المدن الرئيسة كخطوة مهمة لتحديث البنية التحتية، ما يجعلها فرصة لتقديم نموذج لشراكة حقيقية بين القطاعين. حسب معلوماتي أن هذه مشاريع حكومية دون نظر للبعد الاقتصادي الشامل (نقصد الشراكة بين القطاعين والعلاقة بين الدعم والتخصيص والأوضاع المالية داخليا وخارجيا). الأحرى أن تؤسس شركة مترو "عامة" تكون مملوكة بين المدن وصندوق الاستثمارات العامة، وأن تصدر صكوكا قابلة للتحويل إلى أسهم ملكية للقطاع الخاص تكون مرحليا بضمان الحكومة، وأن تعطي عائدا أعلى من سندات الحكومة (للجذب وتعويضا عن طول المدة وعن أراض غير مسعرة اقتصاديا). توقيت هذا النهج يخدمنا أيضا بسبب أن أسعار الفائدة اليوم منخفضة، ما يجعل تكلفة التمويل على الحكومة مقبولة، وتؤسس لسوق مالية طويلة الأجل، وكذلك توفير أموال الحكومة حين تنخفض أسعار النفط، وأخيرا تؤسس لقاعدة تسعير اقتصادية في المدى المتوسط، ما يسهل عملية التخصيص. قاعدة التسعير مرتبطة بتسعير الوقود في المدى المتوسط، خاصة في ظل خطة توفير نقل عام.
أحد النواقص في النموذج الوطني للتنمية عدم الشجاعة في الإبداع وقلة النقاش الحيوي الصريح، فما قيل في الندوة أو منتدى الرياض الاقتصادي من بعدها لا يعدو أن يكون في أغلبه حديثا مكررا وطرحا أقرب إلى أن يكون أكاديميا بعيدا عن الواقع على الأرض، خاصة أن بعض أوراق العمل في المنتدى لم تأت بالمستوى الذي يناسب التحدي مثل ورقة الشركات الصغيرة وتوطين الوظائف. أرى أن هذا نموذج ممكن تطويره من الناحيتين التنظيمية والنظامية وتحديد النموذج المالي المناسب الذي يعبر عن شراكة فعلية من ناحية، وخطوة للفاعلية والتخصيص من ناحية أخرى.