سوء تنفيذ بعض المشاريع الحكومية .. وصفة علاج

في البداية لا بد أن نسلم بأن الحكومة اعتمدت مبالغ مالية ضخمة لتنفيذ مشاريع عملاقة في مختلف مناطق المملكة ''نفذت بشكل سليم ويفتخر بها كل مواطن غيور، ولكن ليس هنا مجال لذكرها''، وأصدرت أنظمة وقرارات لتنظم تنفيذ هذه المشاريع، كما دعمت الأجهزة الحكومية المعنية بالرقابة.
وبما أن جميع دول العالم معرضة للكوارث الطبيعية، إلا أن هناك بعض الثغرات التي تؤثر في سلامة تنفيذ بعض المشاريع الحكومية:
أولا الفهم الخاطئ القاصر للأسلوب الرقابي المتمثل في ''الفصل بين الوظائف المتعارضة''.
وعلى سبيل المثال نص المادة (14) والمادة (16) من نظام المنافسات بتشكيل لجنتين مستقلتين إحداهما لفتح المظاريف والأخرى لفحص العروض، اشترط النظام في المادة (17) على أنه لا يجوز الجمع بين رئاسة لجنة فتح المظاريف ورئاسة لجنة فحص العروض أو العضوية فيهما. ونفهم من هذه المادة وجود مبدأ رقابي مهم وهو الفصل بين الوظائف المتعارضة وتجنب تعارض المصالح، ولكن ما يحدث على أرض الواقع في بعض الجهات الحكومية هو أن يرأس لجنة فحص العروض أحد الموظفين، ويكون رئيس لجنة فتح المظاريف موظفا آخر وكلا الموظفين يرتبط تنظيمياً بوكيل أو بمدير عام، ونتيجة للتبعية الإدارية المقيتة في القطاع الحكومي ''لأن الوظائف بعد المرتبة العاشرة ليست للأجدر والأكفأ دائما، مما جعل الموظفين بين مطرقة الترقية وسندان رضا المسؤول عنهم''، يمكن هنا تمرير بعض المخالفات لمصالح شخصية.
ومع ذلك ليس هذا المقصود من الفصل بين الوظائف المتعارضة في الرقابة؛ إنما المقصود هو الفصل بين من يقوم بالترسية ومن يتسلم المشروع كجهات وليس إدارات، فالجهة الحكومية تقوم بطرح المشروع وتسلمه، وهنا تنتفي الرقابة ويحدث المكروه، وكي نوضح المشكلة نفترض أن جهازا حكوميا لديه أي مشروع قامت الإدارة المعنية بوضع الشروط والمواصفات المثالية من ناحية الكم والكيف بجهود ذاتية أو بمساعدة بيوت الخبرة، ونظرا لضعف الرقابة قد يفوز بالعقد مقاول لأنه الأقل سعرا تربطه أي علاقة مع المسؤولين في الجهة الحكومية ويتم التغاضي عن بعض الشروط لزيادة أرباح المشروع، وفي هذه الحالة ينفذ المشروع بصورة سيئة ولا يحقق هدف الدولة من تنفيذ المشروع، أو لا يصمد أمام الكوارث الطبيعية بسبب عدم أمانة بعض الموظفين مستغلين ضعف الرقابة أو أسلوبها. والحل تفعيل ودعم الأشغال العامة، والأفضل إنشاء وزارة مستقلة محايدة ''ماليا وإداريا وبشريا'' يكون هدفها متابعة تنفيذ المشاريع التي يتم إعداد شروطها ومواصفاتها وفتح مظاريفها وترسيتها من قبل الجهات الحكومية، وتقوم هذه الجهة المحايدة بمتابعة تنفيذ المشاريع وتسلمها ابتدائيا ونهائيا، وذلك حسب الشروط والمواصفات، وإعداد وتدقيق المستخلصات ليتحقق المبدأ الرقابي: الفصل بين الوظائف المتعارضة وسيكتمل جمال الصورة المنشودة ــــ إن شاء الله ــــ من اعتماد وتنفيذ المشاريع الحكومية المختلفة لما فيه خير للمواطن والوطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي