قنوات رسمية للتبرعات العينية
عُرفت بلادنا قيادةً وشعباً بمد يد العون للمحتاجين حتى وصلت مساعداتها إلى أقاصي الدنيا لكل من تعرض لكارثة أو مسته الحاجة دون تفريق بين المحتاجين ودون أن تصحب المساعدات شروط أو صفقات مشبوهة، كما تفعل بعض الدول الغنية مع الدول الفقيرة المغلوبة على أمرها .. ومع حب المواطن في هذه البلاد لفعل الخير والتبرع بالمال والمواد الإنمائية فإنه يحرص على أن تكون هذه التبرعات عبر قنوات رسمية موثوقه بعد أن حصلت بعض التجاوزات .. وبما أن التبرع بالمال هو المعرض أكثر للتجاوزات وأن يذهب في طريق غير صحيح، فإن موضوعي اليوم يركز على التبرعات العينية كالملابس ووسائل التدفئة، ولا سيما نحن نشاهد أطفالاً يموتون من البرد ورجالاً يبكون ونساء يصرخن بالاستغاثة وهم جميعاً من النازحين السوريين الذين يواجهون عواصف الثلوج والمطر والبرد ببطون جائعة وأجسام مكشوفة وخيام ممزقة ومهترئة .. ونحن ننعم بالدفء والملابس الصوفية التي نرمي بعضها كل عام دون حساب، ومنذ أيام انتشر خبر توقف شاحنة قرب أحد المساجد في حي الغدير شمال الرياض لجمع الملابس والبطانيات وإيصالها للنازحين السوريين في الأردن فامتلأت تلك الشاحنة رغم كبرها في ثلاث ساعات وتحركت وجاء الناس بعد مغادرتها يرجون أن يستلم منهم تبرعاتهم، ما اضطر جماعة المسجد إلى وضع لوحة تقول (ليس هناك جمع للتبرعات).
وهنا أقول لماذا لا تكون هناك مظلة رسمية لتسلم التبرعات العينية .. ولتكن إحدى الجمعيات الخيرية المرخصة في كل مدينة .. فالناس في هذا البلد يحبون الخير ويرغبون في التبرع لإخوانهم المسلمين في كل مكان وبالذات النازحين السوريين في الأردن وتركيا ولبنان الذين يواجهون مرارة النزوح عن بلدهم وفراق أهلهم مع قسوة الشتاء الذي يهز بيده القوية خيامهم ويلقي بهم في العراء!
وأخيراً: "الصيف أرحم بالفقير من الشتاء"، ولذا أدعو الجميع إلى عدم التخلص من الملابس أو رميها لأن هناك مَن يحتاج إليها لمواجهة زمهرير الشتاء القادم بقوة ومنهم آلاف النازحين من إخواننا السوريين، كما أن فقراء الداخل في حاجة إلى تلك الملابس .. وعدم الاستعداد للاستفادة من الملابس والبطانيات قبل دخول فصل الشتاء يقودنا إلى الحديث عن أعمال الجمعيات الخيرية، حيث إن معظمها لا يؤمن بالخطط والاستعداد المبكر، وحينما يبدأ الشتاء تبدأ في التحرُّك فينتهي نصفه أو كله قبل أن تصل التبرعات للمحتاجين إليها.