الحملة التصحيحية .. وتوطين فرص العمل

على هامش منتدى الحوار الاجتماعي أكد وزير العمل أنه تم توظيف 250 ألف سعودي خلال الفترة التصحيحية، وأنه سيتم نشر الإحصائية النهائية عن نتائج تلك الحملة التي لا تزال سارية المفعول، وستبقى برنامج عمل دائما يضمن سلامة أوضاع العمالة الوافدة في المملكة بما يتفق مع رؤية الوزارة لسوق العمل السعودي، حيث تقوم وزارة الداخلية بدور مهم في إنجاح الحملة وتطبيق النظام في جميع الأنشطة، ومنها المدارس الأهلية التي يجب أن تتجاوب مع قرارات وزارة العمل بخصوص الحد الأدنى للأجور، والتي استفادت من الدعم الحكومي. ولعل الأهم في كلمة الوزير أن الإحصائيات الأخيرة تشير إلى تناقص في مستوى البطالة بلغ 6.1 بالنسبة للذكور.
تناول التقرير الأخير لصندوق النقد الدولي قدرة المملكة على إيجاد الوظائف كأهم التحديات التي تواجه نمو الاقتصاد السعودي، وعلى الرغم من أنه قرر أن آفاق النمو ستظل إيجابية، فإنه يؤكد أننا نسير بشكل عام في الطريق الصحيح، ونعرف التحديات ونعمل على مواجهتها، ومنها إيجاد فرص العمل من خلال تهيئة الوظائف للأجيال، أو من خلال دعم وتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة. والتقرير يشير إلى أن مشكلة البطالة لم تزل عصية على الرغم من الجهود الكبيرة لوزارة العمل التي لم تستطع بعد حل المعادلة لإيجاد توازن في فرص العمل، وهو تحد كبير جدا في ظل عدم قدرة الحلول الحالية على تحقيق تقدم ملموس وسريع.
إن توطين فرص العمل ليس مشروعاً بقدر ما هو استراتيجية طويلة الأمد، وإن أي تجربة ناجحة في هذا المجال تستحق البحث والتأمل، وقد استفادت المملكة من بعض التجارب لدول مشابهة لنا في ظروفها الاجتماعية واحتياجها إلى العمالة الوافدة، ومن تلك التجارب استخدام قواعد البيانات في سوق العمل من أجل المعرفة الدقيقة بالأرقام لتوطين الوظائف، ويمكن أن تسهم في تطوير الأدوات المستخدمة، خصوصاً أن تلك التجارب تعتمد في الواقع على جمع المعلومات بأعلى جودة ممكنة ومقاربتها مع طبيعة الخريجين والباحثين عن العمل من المواطنين، فضلاً عن أنها تحدد أطراً ثابتة لمستويات الرواتب، إضافة إلى استحداث وظائف تتوافق مع مخرجات التعليم واحتياجات السوق.
إن نظام العمل يقف إلى جانب العمل وإلى جانب مصلحة العمل بصورة متوازنة تمنع من تحول عقد العمل إلى ضمانة للعامل كما هو الحال في وظائف القطاع العام، وهذا التحول في موقف نظام العمل واضح من عنواني النظامين السابق والحالي، ففي السابق كان نظام للعمل وللعمال وهو الآن نظام العمل فقط، وإن لوزارة العمل صلاحية واسعة في حماية مصلحة العمل وليس الوقوف إلى صف العمال أو أصحاب الأعمال، ولكنها ملزمة باتباع نصوص النظام وعدم مخالفته حتى في تلك اللوائح التنفيذية أو القرارات اللائحية التي تنظم بعض المسائل الدقيقة في نظام العمل، فالأهداف مهما كانت وطنية تصب في مصلحة العمل، إلا أن ذلك لا يعني مخالفة النظام، وهذا ينطبق على وزارة العمل وعلى جميع الجهات الرسمية التي تتعامل مع المسائل العمالية، ومنها مجلس الشورى الذي مر عليه النظام في مراحله الأولى ووافق على بنوده مادةً مادة.
هناك فراغ في سوق العمل وهو فراغ نسبي تم شغل عدد من الفرص فيه بكوادر سعودية وقد أخذت فرصتها، في حين لا يزال هناك كثير من الفرص بعضها ملائمة للعامل السعودي وبعضها تحتاج فعلا إلى استقدام وخصوصا في نشاط المقاولات، ولكن ستكون لحساب المرخص لهم بالعمل فعلا ولن يسمح لعامل وافد أن يعمل لحساب نفسه إلا عن طريق الهيئة العامة للاستثمار، والنظام سيحمي صاحب المنشأة إلا إذا قبل أن يكون صوريا في ظل قانون يعطيه الحق في تبعية العامل لمنشأته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي