جودة التنظيم لموسم حج ناجح
لم يكن لحج هذا العام أن يحقق النجاح الاستثنائي ''على الرغم من أعمال البناء والتشييد'' لولا جودة القوانين والتنظيمات المنظمة للحج، كما لم يكن لموسم الحج المعظم لهذا العام أن يحقق التفوق لولا كفاءة وجودة تطبيق القوانين والتي لم توضع من الأساس إلا للتيسير على المسلمين أداء فريضة الحج المعظم. القوه في تطبيق القوانين وفرضها عدالة مطلقة، ولا تأتي إلا بخير على الجميع، والتقيد بنص القوانين وروحها يحقق الأهداف التي من أجلها وضعت الأنظمة، وفرض هيبة القوانين والأنظمة ليس بالأمر اليسير والسهل، خصوصا إذا علمنا أن هناك أصحاب مصالح أشرار لا يجدون ضيرا في التكسب والتربح من حالة الفوضى وانعدام النظام. أصحاب مصالح لا يتورعون أبدا عن شن هجومهم الحاقد على كل ما من شأنه تنظيم وتطوير حياة المواطنين والمقيمين، أصحاب مصالح مصابون بعمى في قلوبهم، وجوع في بطونهم، وحقد في قلوبهم. الحقيقة أن النظام وجودة تطبيقه لم يكن خيار يطرح للنقاش وتداول الآراء، بل هو ركن من أركان الحياة ولا مجال للحياد عنه ولا خيار آخر يكفل إيجابيات فرضه.
جودة القوانين المنظمة لأعمال الحج وجودة فرضها على أرض الواقع ليس إلا تعظيم لشعائر الله، وتأدية للأمانة الملقاة على عواتقنا جميعا في التسهيل والتيسير على ضيوف الرحمن القادمين من كل فج عميق. ولم يكن أمام أحد أي عذر في عدم التقيد بالقوانين والأنظمة، وخصوصا أن الحملة التوعوية التي سبقت الحج كانت من البراعة والجودة ما جعل الجميع على اطّلاع بضرورة التقيد بالأنظمة والقوانين. وعلى الرغم من الأصوات الشاذة والشريرة ''كصوت زهير كتبي وغيره'' والتي حاولت تصوير القوانين والأنظمة بشكل يوحي إلى المتلقي بأنها ضد الدين ومخالفة للشريعة، إلا أن وعي الناس وحصافتهم كانت خير من يرد على هذه الأصوات القبيحة، والتي لا هم لها سوى أن تسود الفوضى من أجل تحقيق مكاسب مادية على حساب حجاج بيت الله المعظم. وشخصيا أدعو إلى سن القوانين والأنظمة التي تحاسب كل من يشكك في غايات القوانين والأنظمة، كما أدعو إلى تجريم كل من يصرح بوضوح أو حتى بالغمز واللمز إلى أن قوانين الدولة تقف بأي شكل من الأشكال ضد الدين أو حتى ضد مصالح المسلمين. نجاح موسم الحج ليس أن نتيجة حتمية للالتزام التام بالقوانين والأنظمة، وللتطبيق الحازم الذي لا يقبل المحاباة والمجاملة لأي فرد كائن من كان.
الجوده الفائقة للقوانين والأنظمة المنظمة للحج، وجوده تطبيق القوانين بحزم وشدة دون هوادة أو مجاملة أو محاباة لأي فرد كائن من كان أحد أهم أسباب نجاح موسم حجنا هذا. كما أن الالتزام الرائع من قبل ضيوف الرحمن والذي يدل على المستوى الحضاري الرائع للحجاج كما ويدل على تعظيمهم لشعائر الله وحرصهم على أداء نسكهم على أكمل وجه بما يرضي الله سبحانه وتعالى وبما يحقق المقاصد الشرعية لركن الحج المعظم. إننا في السعودية شعبا وحكومة نضع راحة الحجاج والمعتمرين على رأس أولوياتنا التي لا مجال ولا عذر أبدا في الحياد عنها. إن نجاح موسم الحج الاستثنائي خير رد على الأصوات المشككة والحاقدة والتي لم تتورع عن التهجم على كل ما من شأنه التيسير على المسلمين. إن مساحة الحرية التي نتمتع بها في التعبير عن الرأي يجب ألا تسمح لأي فرد باستغلالها للتحريض والتشكيك والتأليب على الدولة وممثليها. وعلى كل من يسعى لإثارة الشكوك في توجهات الدولة وقوانينها أن يعلم أنه بفعله هذا يقزِّم نفسه ويصغرها.