الرياضة وتعزيز القيم

كنت وما زلت وسأبقى مقتنعا قناعة تامة أن المجال أو العمل الرياضي بكل ألعابه الجماعية والفردية، هو إحدى أهم الحاضنات لتعزيز القيم أو تدويرها. وخلال حقبة زمنية ليست بالقصيرة كنا نقول دائماً ''أخلاق رياضية'' عندما نشير إلى حسن التعامل وامتصاص الغضب أو لمنع التجاوز على حقوق أو مصالح أو أعراض الآخرين، إضافة إلى العديد من القيم الأخلاقية الحميدة التي تحرص الأخلاق الرياضية النبيلة على زرعها وبنائها وتطويرها بين مختلف منسوبيها من إداريين وفنيين ولاعبين وإعلاميين حتى يكونوا قدوة لبقية الشباب الذين ينظرون إليهم وإلى تصرفاتهم على أنها النموذج الذي يحتفى به.
ولأن تعزيز القيم ومكارم الأخلاق من الصفات الأصيلة التي بعث المصطفى - عليه الصلاة والسلام - لتأكيدها لقوله – صلى الله عليه وسلم: ''إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق''، وهي من القواعد الأساسية في شريعتنا السمحة، هذه الشريعة التي اتخذتها المملكة منهج حياة وعملا وإدارة والمحافظة عليها، والعمل بها جزء لا يتجزأ من استقرار واستمرار وازدهار هذا الوطن الغالي المملكة العربية السعودية.
إن الحديث عن أهمية الرياضة في ''تعزيز القيم'' والحرص على ذلك مع تطوير مختلف الألعاب الرياضية بما لا يفقدنا هذه الميزة الرياضية العظيمة جاء على هامش حوار مع عدد من الزملاء الإعلاميين بسبب الهجمة الشرسة التي تحاول بعض المنظمات العالمية استغلالها ضد المملكة من خلال تعديل العديد من الأنظمة والإجراءات الرياضية التي تحرم المملكة من المشاركة أو تنظيم أي احتفال رياضي ما لم تكن المرأة مشاركة فيه بشكل كامل وفقاً لأعراف وعادات الدول المشاركة، بمعنى أننا مطالبون في المملكة أن نسمح لكل دولة أن تجلب معها ما تشاء من رياضيات وأن يلبسن ما يشأن من لبس، أو بمعنى أدق اللبس الذي نشاهده في ألعاب القوى والطائرة وغيرهما، وأن يتم التعامل مع المملكة كما يتم التعامل مع أي دولة على أساس أن المملكة لا تملك حق الاعتراض، وإذا قررت الاعتراض فإن الاعتراض على تنظيمها لأي من المسابقات أو البطولات القارية أو الدولية هو القرار الذي سيتخذ في حقها دون إدراك لحقها في الالتزام وحماية قيمها الإسلامية وعاداتها وأخلاقها العربية التي كفلها وقام عليها نظام الحكم في الدولة.
إن توجه المنظمات والهيئات الرياضية الإقليمية والعالمية وغيرها من الهيئات الأخرى بغرض توجيهات سلوكية لا تتفق وقيم وعادات المجتمعات الدينية والمجتمعية سقوط مؤلم في هذه المنظمات والهيئات، لأن الأساس هو احترام حقوق الدول وأنظمتها وقيمها وعاداتها، ومثل هذه التوجهات المسيسة والمُسيئة للرياضة خروج عن قيم وأخلاقيات الرياضة التي عشنا معها حقبة من الزمن ليست بالقصيرة، وتسلسل أصحاب الأهواء والمصالح الخاصة والقيم الرخيصة ودعاة الرذيلة وانتشار الفساد الأخلاقي هم الذين يقودون هذه الهجمة على هدم وهدر القيم الإنسانية السليمة التي حملتها كل الرسالات السماوية. هذه الحملة ضد المملكة لم تنطلق من فراغ، إنما جاءت وفق خطط مدروسة وعلى كل الأصعدة، لأن المملكة اليوم تعتبر الدولة الوحيدة المطبقة للشريعة الإسلامية ودستورها القرآن والسنّة النبوية المطهرة، ولعل التأكيد على أن كل من يحمل الجنسية السعودية لا بد أن يكون مسلما وعَلَمها العَلَم الوحيد الذي لا ينكس مهما كانت الأحداث أو الأسباب لوجود ''لا إله إلا الله محمد رسول الله عليه الصلاة والسلام''، كل ذلك وغيرها كثير تجعل المملكة مستهدفة في دينها وأخلاقها وقيمها وإنسانها وأرضها، وهذا يتطلب وضع الرؤية والاستراتيجية الحامية لهذا الكيان العظيم من خلال العديد من الإجراءات أولها إعلان تأكيد المملكة على الاحتفاظ بقيمها ودينها في كل المحافل والملتقيات العالمية ثم تطوير كل برامجها وأنظمتها بما يحقق لها مواكبة المتغيرات العالمية دون التخلي عن دينها وقيمها تأكيداً لقول المصطفى - عليه الصلاة والسلام -: ''إن هذا الدين صالح لكل زمان ومكان''، ثم الدفع بالكفاءات السعودية لتولي أو المشاركة في إدارة كل أو غالبية المنظمات والهيئات الإقليمية والعالمية، خصوصاً ذات التأثير السلبي في المملكة إنساناً ومكانا، لأننا بهذه الخطوات وغيرها كثير نستطيع - بإذن الله - قيادة العالم نحو عالم أكثر أمنا وأعز قيما، وهي مسؤولية ورسالة واجب علينا تحملها لأننا أمة الرسالة والقرآن، وفق الله الجهود التي تعمل من أجل وطن سعودي الانتماء، عربي اللسان، إسلامي المعتقد وعالمي الطموح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي