شركة بيشة الزراعية و الحلول الصعبة

[email protected]

أعلنت شركة بيشة الزراعية في نتائجها المالية السنوية المنتهية في 31 كانون الأول (ديسمبر) 2005م، أن إجمالي حقوق المساهمين بلغ 36.5 مليون، في حين يبلغ رأس المال المصرح به 50 مليون ريال و رأس المال المدفوع 46.7 مليون ريال، مما يعني أن بعض المساهمين لم يقوموا بسداد القسط الثاني من رأس المال الذي يمثل قيمة 3.3 مليون ريال تقريبا (نسبة 6.5 في المائة من إجمالي رأس المال المصرح به) وأن الخسائر المتراكمة بلغت 26.1 مليون ريال و هو مستوى مرتفع جدا بالمقارنة بحقوق المساهمين، إضافة إلى مشكلة تخلف بعض المساهمين عن سداد القسط الثاني من رأس المال، كانت الشركة تعاني من مشكلة عدم اكتمال النصاب لانعقاد الجمعية العمومية غير العادية طوال الفترة من عام 1998م إلى 2005م للموافقة على تقسيم القيمة الاسمية للسهم من 100 ريال إلى 50 ريالا. إلا أنه في الجمعية العمومية المنعقدة في 18 كانون الثاني (يناير) 2006م اكتمل النصاب أخيرا و تم إقرار تقسيم القيمة الاسمية للسهم من 100 ريال إلى 50 ريالا كما تمكنت الشركة في ذلك اليوم أيضا من إقامة المزاد العلني لبيع الأسهم غير المسددة للقسط الثاني عن طريق المزايدة مما يعني أنه بتاريخ 19 كانون الثاني (يناير) 2006م أصبح رأس المال المصرح به مساويا لرأس المال المدفوع بقيمة 50 مليون ريال، علما أن سعر السهم المباع في المزاد تم تحديده من قبل الشركة على أساس سعر إغلاق يوم 17 كانون الثاني (يناير) بقيمة 1.461 ريال للسهم (ما يعادل 730 ريالا للسهم بعد تجزئة القيمة الاسمية إلى 50 ريالا).
بعد أخذ 50 ريالا لكل سهم مباع لإكمال رأس المال المدفوع، فإن مبلغ 680 ريالا لكل سهم مباع (730 ريالا ناقصا القيمة الاسمية 50 ريالا لعدد 65.639 سهم) تم تسجيلها في قائمة المركز المالي كالتزامات على الشركة لصالح المساهمين المتخلفين عن سداد القسط الثاني تحت اسم "دائني الأسهم المباعة" بقيمة 44.6 مليون ريال تمثل أكثر من 45 في المائة من إجمالي الأصول كما في تاريخ 31 آذار (مارس) 2006م (لاحظ أن الرصيد الفعلي لدائني الأسهم المباعة أعلى قليلا من الرصيد المتوقع لهذا البند لأن البيع تم بسعر أعلى من مستوى 730 ريالا للسهم). اللافت للنظر أن الشركة لم توجه أي دعوة لهؤلاء المساهمين لتسليم حقوقهم، بل قامت بدلا من ذلك باستثمار هذه الالتزامات بالمضاربة في سوق الأسهم السعودية من خلال محفظة استثمارية خاصة و صندوق استثمار للأسهم السعودية في مخالفة واضحة لتعليمات هيئة السوق المالية المتعلقة باستثمار الشركات المساهمة في الأوراق المالية المعلن عنها بتاريخ 23 كانون الثاني (يناير) 2006م.

بدراسة نتائج الشركة للربع الأول المنتهي في 31 آذار (مارس) 2006م، تبين لنا أن الشركة لم تقم بإعادة تقييم استثماراتها قصيرة الأجل لإظهار الخسائر نتيجة لهبوط السوق بشكل حاد اعتبارا من شباط (فبراير) الماضي (وهي مخالفة واضحة للمعايير المحاسبية) وأظهرت أن قيمة حقوق المساهمين بلغت 39.9 مليون ريال في حين قام مراجع الحسابات الخارجي بوضع ملاحظات مهمة توضح عدم التزام الشركة بإظهار نتائج استثماراتها كما ذكر أن الشركة لم تزوده بعدد الأسهم وأسماء الشركات المستثمر بها. في نتائج الشركة للربع الثاني المنتهي في 30 حزيران (يونيو) 2006م، استمرت الشركة في النهج نفسه بتجاهل إعادة تقييم استثماراتها نتيجة للانخفاض الحاد في اسعار الأسهم وأظهرت أن حقوق المساهمين بلغت 39.9 مليون ريال في حين قام مراجع الحسابات الخارجي بتكرار وضع الملاحظات السابقة نفسها. هذا يدل على أن الشركة كانت تصر على أن الخسائر المتراكمة لا تزيد على 11 مليون ريال على أن تتم إعادة التقييم في نهاية العام المالي إلا أن الواقع يوضح أن الخسائر المتراكمة تفاقمت بشكل متسارع وخطير.

في نتائج الشركة للربع الثالث المنتهي في 30 أيلول (سبتمبر) 2006م، قام مراجع الحسابات الخارجي بإصدار تقريرين، حيث إنه ذكر في التقرير الأول الصادر بتاريخ 18 تشرين الأول (أكتوبر) 2006م نفس الملاحظات السابقة في الوقت الذي تظهر فيه الشركة تحقيق أرباح بقيمة 51 ألف ريال وأن حقوق المساهمين بلغت 39.9 مليون ريال. في التقرير الثاني الصادر بتاريخ 6 كانون الثاني (يناير) 2007م ذكر مراجع الحسابات الخارجي "أنه في حالة تحقق الخسائر غير المحققة الواردة في القوائم المالية وإضافتها للخسائر المرحلة من السابق فان إجمالي الخسارة ستصبح أكثر من رأس المال" حيث إن الشركة اعترفت بأن الخسائر في الربع الثالث بلغت 22.2 مليون ريال، في حين بلغت الخسائر المتراكمة 25.9 مليون ريال وبلغت الخسائر غير المحققة 4.9 مليون ريال و هو ما يشير إلى وجوب إعلان إفلاس الشركة و تصفيتها حسب نظام الشركات المساهمة.

لا شك أن قرار هيئة السوق المالية بتعليق بتداول السهم خطوة إيجابية يخولها لها النظام لكنه من الواضح أيضا أنه كان لدى الهيئة الكثير من الوقت قبل فوات الأوان لتفادي هذا الوضع المحرج فيما لو أثيرت هذه القضية في وقت مبكر مع إعلان نتائج الربع الأول أو الربع الثاني بدلا من إثارتها في 24 كانون الأول (ديسمبر) 2006م آخذين في الاعتبار أن إعلان النتائج الربعية كانت في نيسان (أبريل)، وتموز (يوليو)، وتشرين الأول (أكتوبر) من العام الحالي 2006م.

إن السؤال المهم الآن هو: كيف للشركة الخروج من هذا الموقف أمام مساهميها المغلوب على أمرهم؟
للخروج من هذا الموقف الصعب، أحد الحلول يتمثل في تحويل الشركة من شركة مساهمة عامة إلى مساهمة مغلقة مما يعني تحولها إلى ملكية خاصة ومن ثم ضخ أموال جديدة من المساهمين من خلال رفع رأس المال (عملية طرح خاص) لكن ذلك خاضع لموافقة وزارة التجارة و جميع الأطراف المرتبطة بالشركة (مثل الدائنين والموردين والمساهمين وغيرهم) يدعمهم في ذلك أن القيمة الدفترية وصلت إلى الصفر إلا أن ضخ أموال جديدة فيه مخاطرة عالية على المساهمون. الحل الآخر، هو تحويل الشركة إلى ملكية خاصة أيضا ومن ثم تخفيض رأس المال (مثلا إلى عشرة ملايين ريال) لضمان استمرارية عملها على أمل أن يرتفع تقييم الاستثمارات المملوكة للشركة مستقبلا، لكن هذا يخضع إلى تحسن أسعار الأسهم في السوق، إضافة إلى موافقة وزارة التجارة وجميع الأطراف المرتبطة بالشركة (مثل الدائنين والموردين و المساهمين وغيرهم) على هذه الخطوة. أخيرا، لا يبقى أمامنا إلا تصفية الشركة وإعلان إفلاسها وهو بالتأكيد حل ينطوي على ضرر كبير لكل من دائني وموردي و مساهمي الشركة المغلوب على أمرهم و يبدو أنه الأقرب للتطبيق!!

ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي