Author

عمل المرأة في الجامعات السعودية .. هل تفشل؟

|
على الرغم من نمو الإنفاق الحكومي على التعليم العالي في المملكة من قرابة 17 مليار ريال قبل ثمانية أعوام إلى قرابة 47 مليار ريال أخيرا مسجلاً معدل نمو سنوي تعدى 35 في المائة، إلا أن التعليم العالي ما زال يعاني تحديات تطوير الخصائص الكمية لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية بسبب ما يفرضه من قيود غير مبررة على إلحاق المرأة كعضو جديد في هيئة التدريس في ظل تدني معدل مشاركة المرأة في القوى العاملة مقارنة بالرجل. حمل هذه الإحصاءات كتاب صدر أخيرا من وزارة التعليم العالي، بعنوان ''التعليم العالي في المملكة العربية السعودية: مؤشرات محلية ومقارنات دولية''. هدف الكتاب إلى رصد التغيرات التي طرأت على التعليم العالي في المملكة، ولفت الانتباه إلى واقعه من منظور عالمي مع إعطاء تحليل أولي لبعض مؤشراته. استعرض الكتاب تطور التعليم العالي في المملكة خلال الأعوام الخمسة الماضية (1428 - 1432هـ)، من خلال تتبعه للتغير في قيم مؤشرات التعليم العالي في المملكة ومقارنتها بالمتوسط العالمي ومجموعات الدول المتبناة من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة (اليونسكو). وعلى الرغم مما حمله الكتاب من رسالة ''هاؤم اقرأوا كتابيه'' بتقديمه مجموعة من الإحصاءات النوعية والكمية عن تطور مؤشرات التعليم العالي في المملكة على مدى خمسة أعوام، إلا أنه في الوقت ذاته جسّد تواضع جهوده في سبيل زيادة معدل مشاركة المرأة في إجمالي حجم هيئة التدريس في الجامعات السعودية، متناسياً التغير الكبير الذي طرأ على منظومة التعليم العالي أخيرا ومستهدفات الكوادر النسوية الوطنية في العملية التنموية السعودية بحلول عام 2025. عديدة هي الفوائد عندما ننظر إلى إحصاءات الكتاب ذات العلاقة بمؤشرات مشاركة المرأة في أعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية آخذين في الاعتبار أمورا عدة. أول هذه الاعتبارات زيادة عدد الجامعات الحكومية خلال العقد الماضي من ثماني جامعات إلى 25 جامعة. وثانيها، المستهدف الطموح ببلوغ معدل مشاركة المرأة في القوى العاملة معدل 40 في المائة مقابل 60 في المائة للرجل بحلول عام 2025 مقارنة بالمعدل القائم اليوم ببلوغ هذا المعدل 13 في المائة للمرأة مقابل 87 في المائة للرجل، حسب الخطة بعيدة المدى للاقتصاد السعودي الصادرة من وزارة الاقتصاد والتخطيط. وثالثها، توسّع الجامعات في عقود إسناد مؤقتة لأطراف غير سعودية خارج منظومة التعليم العالي للقيام بمهام العملية التعليمية بمبرر عدم وجود الكوادر النسوية السعودية المؤهلة. ورابعاً، التوسع المستمر للإنفاق الحكومي على التعليم العالي إلى معدل إجمالي الإنفاق الحكومي وما جسده هذا التوسع من تشجيع لإحداث نقلة في التعليم العالي بحلول العقد المقبل، وأخيرا، معاناة المواطنة ''نورة'' مع الجامعات الحكومية في سبيل الالتحاق بهيئة التدريس في الجامعات السعودية وما تمثله هذه الحالة من حالات كثيراً ما تتكرر في الجامعات السعودية، ونسعى إلى ألا تصبح ظاهرة. يشير الكتاب إلى أن عدد أعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية خلال الفترة (1428-1432هـ) سجل معدل نمو سنوي بمقدار 13 في المائة من 32,567 في 1428هـ إلى 54,167 في 1432هـ. سجلت المرأة نسبة مشاركة من 35 في المائة في 1428هـ إلى 38 في المائة في 1432هـ. وإذا أخذنا في الاعتبار تفوق أعداد الطالبات المستجدات في الجامعات السعودية على أعداد الطلاب حسبما ورد في إحصاءات الكتاب ذات العلاقة بنمو أعداد الطلاب والطالبات، فإننا نصل إلى أحد التحديات التي نقصدها في مطلع المقال المتمثلة في تواضع أداء التعليم العالي نحو تطوير كمية أعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية من السيدات لتلبية احتياجات العملية التعليمية نحو النمو في أعداد الطالبات المستجدات. كما يشير الكتاب إلى مؤشر مهم ووثيق الصلة بسعودة الوظائف النسوية في هيئة التدريس في الجامعات السعودية. حيث يشير الكتاب إلى أن عدد أعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية من السيدات خلال الفترة (1428-1432هـ) قد سجل معدل نمو سنوي بمقدار 17 في المائة من 11,297 في 1428هـ إلى 20,605 في 1432هـ. سجلت المرأة السعودية نسبة مشاركة في هذه الأرقام بمقدار 61 في المائة في 1428هـ إلى 66 في المائة في 1432هـ. وإذا أخذنا في الاعتبار زيادة عدد الجامعات الحكومية خلال العقد الماضي من ثماني جامعات إلى 25 جامعة مع التوسع في كليات البنات ونشرها في عدد كبير من محافظات ومدن المملكة، فإننا نصل إلى التحدي الثاني الذي نقصده في مطلع المقال المتمثل في تواضع أداء التعليم التعالي نحو سعودة الوظائف النسوية في هيئة التدريس في الجامعات السعودية على الرغم من نمو عدد خريجات الجامعات السعودية من 52,440 في 1428هـ إلى 57,484 في 1432هـ. وعلى الرغم مما حمله الكتاب من إحصاءات نوعية وكمية عن تطور مؤشرات التعليم العالي في المملكة خلال الفترة (1428-1432هـ) وما جسدته هذه الإحصاءات من تحقيق حجم لا بأس به من الإنجازات، إلا أننا نقف عند حالة المواطنة ''نورة'' ومعاناتها مع الجامعات الحكومية في سبيل الالتحاق با لعمل بهيئة التدريس وما تمثله هذه الحالة من حالات كثيراً ما تتكرر في الجامعات السعودية نسعى ألا تصبح ظاهرة. تتمثل هذه الحالة في وضع مواطنة استطاعت الحصول على شهادة البكالوريوس في تخصص العلوم المالية من إحدى الجامعات الحكومية وبمعدل جيد جداً مرتفع قبل أن تحصل على منحة دراسية ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي لتواصل دراستها وتحصل أخيرا على شهادة الماجستير في العلوم المالية. وعلى الرغم مما حصلت عليه ''نورة'' من درجات متقدمة في مرحلة الماجستير وحجم الطموح بالانضمام إلى العمل كمحاضرة في إحدى هيئات التدريس في الجامعات السعودية الحكومية لتواصل دراساتها العليا، إلا أن عدم تجاوب هذه الجامعات حال دون مواصلة تحقيق الطموح. حيث ادعت إحدى الجامعات الحكومية عدم إحراز هذه المتقدمة مؤشرات الكفاءة لعمل المرأة في هيئة التدريس مع إتاحة بصيص أمل من خلال تمكينها من العمل لمدة عام دراسي كامل على وظيفة ''محاضرة تحت التجربة''. ثم تخضع هذه التجربة لتقييم نهاية العام الدراسي مع ''الوعد'' بالعمل في وظيفة ''محاضرة رسمية'' عند استمرار الحاجة لدى الجامعة وتحقيقها معدلات كفاءة متقدمة. يأتي هذا القرار غير المبرر في ظل توسّع الجامعات في عقود إسناد مؤقتة لأطراف نسوية غير سعودية خارج منظومة التعليم العالي للقيام بمهام العملية التعليمية بمبرر عدم وجود الكوادر النسوية السعودية المؤهلة. حالة تكرر في الجامعات السعودية نسعى ألا تصبح ظاهرة تهوي بمستهدفات الكوادر النسوية الوطنية في العملية التنموية السعودية بحلول عام 2025 من خلال التأكيد على تخفيف قيود إلحاق السيدات السعوديات في عضوية هيئة التدريس في الجامعات السعودية ومعالجة أي تواضع في الكفاءة إن وجد من خلال التدريب والتطوير بما يمكن من تلبية التوسع في أعداد الجامعات والطالبات المستجدات.
إنشرها