متسول لكل مواطن
<a href="mailto:[email protected]">Mosaad@al-majalla.com</a>
اقترب رحيل شهر رمضان بمباهجه الروحانية العذبة، وأطل شوال بعيده واحتفالياته السعيدة، وبين الاثنين بات الحب هو ما نتمناه وننشده بين الجميع، حب يستوعب الآخرين تمتزج خلاله كل المشاعر الجميلة المبنية على الاحترام، وتقدير الآخر .. حب من خلاله نبيّن كمسلمين عقيدتنا الصافية التي استوعبت في أوج انطلاقتها كل الأديان والملل والأعراق. ومع كل الصفاء الذي يهل علينا في المناسبتين العظيمتين، إلا أن هناك في مجتمعنا من العادات السيئة والأفعال غير المقبولة ما تهز الروح السائدة خلال الشهر الكريم، والعيد السعيد أهمها ظاهرة التسول التي، ما إن يشير مسؤول إلى قرب زوالها، حتى تطل برأسها من جديد، وعبر مجموعات متسولة اكبر، لدرجة أن الإشارات الضوئية والأسواق قد اكتظت بهم ولدرجة أن هناك شعاراً جديداً بات يطلق خلال الشهر الكريم عنوانه "متسول لكل مواطن". هذه الظاهرة باتت تحتاج إلى حلول جذرية، لاسيما أنها أصبحت تؤثر سلباً في المجتمع، هذا إذا ما علمنا أن أعدادا كبيرة من مواطني دولة عربية قريبه باتوا يمتهنون هذه المهنة باحتراف وأعدادهم تتزايد بأضعاف، وفق المبدأ التسولي الذي يؤكد أن مهنة التسول لا تحتاج إلا إلى وجه مملوء بالحزن، وثياب رثة، وعبارات حزينة ويد تمتد بسهولة إلى المعني بالعطاء. المشكلة الأكبر أن التساهل مع هذه الظاهرة قد دفع كثيراً من المتسولين إلى قرع البيوت الآمنة مع الإصرار على نيل الصدقة، وحسبي أن مثل ذلك مؤشر خطير، فمن يجرؤ على حرمة المنازل سيسهل عليه بعد ذلك اقتحامها!!. سهولة العملية ومكاسبها الكبيرة جعلت بعضاً من أبناء جلدتنا يستمرئون الأمر ويزيدون من عبثه، عبر "التسول السيار" ومعناه التسول عبر السيارة، حينما يستوقفك أحدهم مؤكداً انقطاعه وحاجته للمساعدة التي تعيده إلى أهله، أو حاجته إلى بعض العون غذاء له، أو وقودا لمركبته. ومثلما أشرنا إلى أن المنتمين لتلك الدولة العربية المجاورة هم من أصحاب التسول المباشر بحجة ضيق ذات اليد، فإن جنسيات عربية أخرى تستغل جمال نسائها وتطلقهن حول الأماكن التي يتواجد بها الشباب لأجل التسول وكثير منه بواسطة أوراق، سواء كانت فواتير أو وصفات طبية.
ورغم التساهل الذي يجده المتسولون من إدارة مكافحة التسول، إلا أن عدم وجود الرقيب ومعه العقاب سيجعلها أكثر تفاقماً، ونخشى أكثر أن ينسحب إليها من جراء سهولتها بعض من شبابنا، نشير إلى ذلك ونحن ندرك أن مجتمعنا لا يبيح ولا يقر مثل هذه الظاهرة من جراء التكافل الاجتماعي الذي يعيشه، والسبب أنه مجتمع يعتمد على نفسه في كل شيء، وليس في ذلك مبالغة حين نشير إليه، فقد عرفنا ذلك أيام ضعف الحال قبل أموال النفط وعرفناه الآن، لأنه مجتمع يقدس العمل ويعمل لكي يسير في الطريق الصحيح.
إننا مطالبون بالمحافظة على البعد الأخلاقي لمجتمعنا المعروف بسماحته وتكافله وبالتالي كي لا يندفع كثير من أبناء هذا المجتمع في هذا النوع الرخيص من الكسب السهل.