الدروس المستفادة.. الاتحاد الخليجي
أصبح موضوع المرحلة الانتقالية من التعاون الخليجي إلى الاتحاد الخليجي الذي تمت مناقشته أخيرا حديث الشارع، حيث استبشرنا خيراً بالاجتماع الأخير للقمة الخليجية لمناقشة الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد الخليجي لما له من قوة سياسية واقتصادية وعسكرية لدول مجلس التعاون أجمع. وقد وجهت دول المجلس الست المبادرة لدراستها، وتم تشكيل هيئة مكونة من ثلاثة أعضاء من كل دولة لدراسة المقترحات ووضع التوصيات لهذه المبادرة. حيث يعتبر قراراً استراتيجياً لدول الأعضاء للتكامل في المجالات الاقتصادية والأمنية والسياسية لتشكيل قوة مشتركة في الإقليم تحديداً. ويعتبر الاتحاد مرحلة جديدة والتحاما وترابطا بين دول الخليج، وليس ترفاً مما يخيل لدى البعض لما له من أهمية قصوى في الوقت الراهن.
قد تجمع الدول الست خصائص وسمات مشتركة على المستويات كافة من ضمنها التعليمي والثقافي والاجتماعي، ناهيك عن النسب والقبائل الممتدة على أطراف خليجنا العربي، لكن لا بد من تحليل ودراسة عوائد هذا الاتحاد على الفرد أولا، ثم على الدول الست منفردة. حيث قبل دراسة أي مبادرة لا بد من تسليط الضوء على التجارب السابقة لمثل هذه المبادرات والدروس المستفادة على المستويين العربي والعالمي، وهذا ما نتمنى دراسته من الهيئة المخصصة لدراسة هذه المبادرة التي شكلت أخيرا. ولمسنا من احتمالية وجود مشكلات في الاتحاد إذا لم يتم فعلا دراسته بشكل علمي ومقنن وتبني جميع الأطراف لهذه المبادرة، على سبيل المثال الاتحاد الأوروبي وأزمة اليونان التي عانتها بقية دول الاتحاد وما زالت تدفع ثمنها دول كألمانيا وفرنسا.
عند النظر إلى التجارب السابقة في مثل هذا المبادرات يجب معرفة وتحديد أين نحن الآن، وما الوضع المأمول مستقبلاً. في حين تشهد دول مجلس التعاون تحديات شتى في ظل التهديدات الإيرانية والتذبذبات في أسواق النفط وأزمات الربيع العربي، أصبح الاتحاد حاجة ملحة وأمرا مفروغا منه، لكن يجب دراسة الوضع الراهن تفصيلاً وإجمالاً، ووضع المقارنات المرجعية والمخاطر المحتملة لكي تتم معالجة الأزمات بشكل استراتيجي مبني على أسس. إن الوضع السياسي يحتم على دول المجلس فرض وجودها جغرافياً من منحى اقتصادي وسياسي، حيث يترتب على هذا الاتحاد اتحاد جمركي وملاحي للدول الست، ما يشكل نقطة قوة من الناحية الأمنية في الإقليم في مواجهة مخاطر القرصنة على موانئها من جهة، والتهديدات الإيرانية المتكررة من جهة أخرى. وقد نستشعر هذا الجانب على المستوى التقني في محاولة إيران المتكررة في تغيير اسم الخليج العربي إلى الخليج الفارسي، والمستوى الفكري من محاولات إشعال الفوضى في الشارع البحريني.
إننا في حاجة إلى الاستفادة من الدروس الحالية في الخليج العربي لتجاوز مرحلة التعاون، والاستفادة من الممارسات السابقة للتجارب المماثلة عالميا، والقيام بدراسة استطلاعية يتم استفتاء ومشاركة مواطني دول المجلس الست للانتقال من الاتحاد إلى الالتحام الخليجي، وهذا ما نأمل خروجه من هذه المبادرة.