عيون العالم وثرواتنا الطبيعية

تلعب المملكة العربية السعودية دورا محوريا ومهما في مجال انتعاش واستدامة النمو الاقتصادي العالمي واستقرار أسواق الطاقة في مرحلة تاريخية تشير مؤشراتها إلى بوادر أزمة مالية عالمية وركود اقتصادي، حيث تحرص المملكة في هذا الخصوص على تفعيل التعاون والشراكة الدولية، لتهيئة وتوافر الاقتصاد العالمي المستدام الآمن والأسواق الشفافة والمستقرة للمنتجين والمستهلكين على حد سواء، وكان هذا ملاحظا من الناحية العملية في استضافة المملكة ورعايتها اللقاء التشاوري الثالث لرؤساء برلمانات الدول الأعضاء في مجموعة العشرين، والذي باشر فعالياته وأنشطته العملية في مجلس الشورى في مدينة الرياض في شهر ربيع الآخر من هذا العام، حيث أشار في يومه الأول إلى ضرورة الربط بين توافر ونوعية الموارد الطبيعية من جهة والتوازن في استخدام هذه الثروات الطبيعية وحفظها بما يضمن تحقيق مفهوم وتطبيقات التنمية المستدامة لكل دولة، وكذلك مع الشراكة الدولية في هذا الخصوص.
إن طبيعة هذا الدور الاستراتيجي والاقتصادي الدولي الداعم من قِبَل المملكة تكشف وتلمس حجم ونوعية الاستعداد والتنظيم المطلوب في القدرة العملية على مواجهة التحديات المتعلقة بحماية هذه الموارد والمصادر من الأطماع والمنافسة الإقليمية والعالمية بشتى ألوانها وصورها المهنية أو العلمية أو الاستشارية، حيث يلاحظ في العقد الأخير تسارع التوجه في الدعوة والطلب من المملكة العربية السعودية للانضمام إلى ركب هذه المنظمة أو تلك الهيئة الدولية في مختلف مجالات البيئة والطاقة والموارد الطبيعية، وهذا يشرح أو يفسر تزايد المخاوف والهواجس المحلية والدولية المتزامنة مع إعادة الحسابات الاستراتيجية في تناول خارطة الموارد الطبيعية في العالم، وخصوصا في منطقه الشرق الأوسط (المياه، النفط، الغاز) بمختلف تطبيقاتها وتصنيفاتها وصناعاتها التقليدية والبديلة، عطفا على التسارع الملاحظ، وفي أكثر من تقرير علمي رسمي صادر من بعض مراكز الدراسات الاستراتيجية الغربية على توجه الاستفادة أو الشراكة مع الدول المالكة أو المطلة جغرافيا على موارد ومصادر طبيعية حيوية.
تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن الاستخدام السنوي للموارد الطبيعية في العالم يزيد بنسبة 20 في المائة على قدرة الطبيعة على إعادة خلق أو إنتاج هذه الموارد، كما يقدر الصندوق العالمي للطبيعة أنه، وبحلول عام 2050 ميلاديا سوف ترتفع نسبة استهلاك سكان الأرض إلى معدل يراوح بين 180-220 في المائة من إجمالي القدرة البيولوجية لكوكب الأرض، وتذكر أيضا بعض التقارير الصادرة من كندا عن مستقبل بيئة الموارد الطبيعية العالمية للفترة ما بين عامي 2008-2030 ميلاديا، ما يشير صراحة إلى خطر تداعيات الكوارث الطبيعية والإنسانية الناجمة عن الارتفاع المتسارع في درجة حرارة الكون، ونضوب مصادر المياه الجوفية، حيث يتوقع انخفاض حصة الفرد السنوية من المياه إلى أقل من 500 متر مكعب، وهو أقل من المعدل العالمي الذي يتجاوز 6000 متر مكعب للفرد، وكذلك قلة الغذاء، وخصوصا في المناطق الواقعة بالقرب من خط الاستواء، كما أن الدراسات تشير إلى أن العالم العربي على وجه الخصوص سوف يواجه نقصا حادا في منسوب المياه، اعتبارا من عام 2015 ميلاديا، حيث يشار من الناحية العلمية والبيئية إلى مشكلة ''نقص توافر المياه'' على أنها المشكلة والهاجس الأول في مخيلة جميع المنظومات والمراكز ذات العلاقة، وكذلك نقص الأراضي الصالحة للزراعة والمساحات الخضراء، مع قلة منسوب الأنهار المائية، وتلوث مصادر المياه الجوفية التي يعتمد عليها ما يقارب ثلث سكان الكرة الأرضية، حيث إن الضغط المتزايد على نظم دعم الحياة في الكرة الأرضية والاستهلاك المفرط للموارد الطبيعية المتجددة يحملان أخطاراً تهدد صحة الإنسان ورفاهيته، لا تقل في درجتها عن مخاطر دمار الحروب.
نعم .. للتواجد والحضور والمبادرة في الانضمام إلى ركب وعضوية التجمعات والهيئات والمعاهدات الإقليمية والدولية الداعمة للمحافظة على الموارد الطبيعية والبيئة... ولكن نقول وعن قناعة ''لا'' لكل من يبحث عن دور أو مدخل للشراكة في ثرواتنا ومواردنا الطبيعية التي وهبها لنا المولى - عز وجل - بحجة الاستشارة تارة، وتارة أخرى بذريعة الرغبة في إعادة تنظيم وتوزيع هذه المصادر والموارد بطريقه علمية. فدول الخليج العربي والمملكة العربية السعودية على وجه الخصوص كانت وما زالت في استراتيجياتها المعلنة تتلمس وتسهم في تخفيف المعاناة والاحتياجات عن الشعوب الإسلامية والصديقة ودول العالم الثالث منذ عقود سبقت هذا التسارع والتوجه الدولي والإقليمي في هذا الخصوص.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي