شكراً .. سلمان العودة!
.. ولأن تقديس الرموز عادة سيئة، عندما يجعل البعض نقد أي بشر مزعوم باسم الإسلام نقداً مقدساً للإسلام ذاته، بينما هناك فرق بين الإسلام بصفائه وبين مستغليه من الحزبيين والحركيين؛ كما بين الثرى والثريا؛ فقد عاتبني بعض مُحبي ومُريدي الشيخ سلمان العودة على مقالي الذي كان بعنوان ''هل يتسبّب العودة في انتحار هذا الرجل؟''، عندما استغربت عرض العودة تغريدة متابع له على موقع ''تويتر'' قال فيها إنه سينتحر قريباً، وتساءلت، حينها، لماذا لم يقم الأمين العام المساعد لهيئة علماء المسلمين بأقل القليل لثني الشاب عن الانتحار؟ فلامني مَن لامني، وشكك فيّ مَن شكك، وقال آخرون ومن يدريك فربما الشيخ ناصحه في الخفاء، وليس شرطا أن يكون ذلك أمام العامة، لكن ''شيخهم'' كفاني عناء الرد، وأزاح عني همّ الشرح، فبعد نشر مقالي، وتحديدا يوم الأربعاء الماضي، نشر موقع العودة، ما قال إنه ''رسالة موجهة إلى الشاب مسلم. ب. م 23 عاما الذي يهدد بالانتحار أمام محكمة حفر الباطن''، وقام بصياغة هذه الرسالة سلمان العودة ذاته ''من خطابات المغردين والمعلقين على محاولات الانتحار المتكررة''. إذن ''شيخكم'' نفسه يعترف بأنه يجب توجيه رسالة نصح لمن يهدد بالانتحار، حتى لو تأخرت قليلا، أي بعد خمسة أيام من تغريدة الانتحار، وحمداً لله أنه لم يفعلها الشاب وينتحر خلال تلك الفترة. العودة الذي قال في رسالته لمن أراد الانتحار ''أنت إضافة للحياة''، قام بدوره، الذي كان مفترضا أن يقوم به منذ البداية، وهو ثني أيا كان عن محاولات الانتحار، أو حتى التهديد بها، فقصص التفاؤل التي يستشهد بها الشيخ دائماً، حري أن يأتي وقتها هنا، بدلا من ترك من يريد قتل نفسه المضي فعلا، ورميه لمصير مظلم لا أحد يعلم معه أين سيصل. اختلافنا مع سلمان العودة ليس وليد هذا الموقف، كما يظن البعض، حينما أنكر بعضهم عليّ ذلك المقال وأغضبه رأي مخالف ضد تصرف بدر من العودة؛ اختلافنا مع ''شيخهم'' بسبب تناقضاته المشهودة التي ينقلب في كل مرة نقول إنه وصل لشاطئه الذي سيرسو عليه للمرة الأخيرة، غير أنه سرعان ما يفاجئنا بالإبحار مجددا في اتجاه معاكس لما كانت عليه ريحه. فبعد فتاوى أدمت المجتمع كثيرا، وأودت بشبابنا إلى أتون الموت والهلاك، عاد عن كل فتاواه تلك دون كلمة اعتذار لأهالي أولئك الذين تسبّب في ضياع أبنائهم، ثم تحوّل بشكل دراماتيكي، وبعد أن كان صديقاً لنظام القذافي وابن علي نجده يتراجع وينقلب فيطرح نفسه ثورياً، وبعد أن كان يتحدث عن جمال الحياة، تنكشف مفارقات تنظيره بعد إيقاف برنامجه ''الحياة كلمة'' على شاشة ''إم بي سي''، ليبدو وكأنه يشجع على الانتحار! ومع كل ذلك، شكراً سلمان العودة الذي عاد مجددا ليكفر عن زلته في تشجيع الانتحار، حتى لو كان ذلك موقفاً غير ثابت!