قضية وأد البنات في العصر الحديث
في الجاهلية درج سلوك وأد البنات، وهو سلوك متعارف عليه ينحدر من فكرة أن البنت هي سبب من أسباب جلب العار، وعندما أتى الإسلام بكل حكمته وعقلانيته كافح تلك الفكرة ونهى عن إتباع مثل ذلك السلوك، واعتبره جزءا من الجاهلية التي تحمل الخطأ والحرام في كثير من سلوكياتها، وفي المقابل مر ديننا الحنيف باحترام المرأة كأم وزوجة وابنة وأخت، واعتبر أنها أساس كبير في بناء المجتمع، بل اعتمد عليها كثيرا في تربية الأبناء ورعايتهم.
ولعل دور المرأة داخل منزلها وتجاه أبنائها يظل هو الأهم باعتبار أنها مدرسة لغرس الدين والقيم والمثل والمبادئ ووفقا لأفكارها وتوجهاتها تتربى الأفكار وتنشأ لدى الأبناء ويسلكون في حياتهم مسلكا ما، وقد يقع الخطأ من أحد الأبناء دينيا أو أخلاقيا أو سلوكيا أو كلها مجتمعة، ولكن عندما يكون الغرس صالحا فإن الخطأ من الممكن تداركه، أما إن كان الغرس غير ذلك فمن الصعب تدارك ذلك، ولكن بمناسبة هذا الحديث أذكر من حالات الفتيات ممن يقمن علاقات غير شرعية مع الشباب، وبعد أن تستمر العلاقة سنوات تدعي الفتاة أن الشاب يبتزها وأنها بريئة من ذلك كله. تلك العلاقات بين الفتيات والشبان تحتاج إلى حصانة مسبقة مدعومة برصيد عال من التربية الإيجابية المقنعة جدا، وليست النصائح الفاشلة التي عبأت أذهان الجيل الجديد بمجموعة من ردود الأفعال العكسية وأشكال العناد المختلفة، والسؤال هنا هل يحتاج الأهل فعلا إلى أن يتجسسوا على أبنائهم، أم هل نتبع معايير التربية الحديثة في إغراق الأبناء بالثقة، وبالتالي يكتشف ما لا يحمد عقباه؟.. أعتقد أنها شعرة بسيطة هي التي لا بد وأن يحافظ عليها الآباء؛ لأن الثقة المطلقة تعني الحرية بلا حدود، ومهما كانت تلك الثقة في الفتاة أو الفتى إلا أن الثقة يجب أيضا ألا تطبق على المجتمع الخارجي، حيث فيه الصواب والخطأ والصالح والفاسد، وبالتالي فإن الرقابة غاية في الأهمية، ولكن تلك الرقابة يجب ألا تكون رديفة للتجسس، ولكن تكون رديفة للتقارب الوجداني، والذي يفتقد كثيرا بين الآباء والأبناء الأمر الذي ينتج منه كثير من مشكلات الانحرافات الأخلاقية المتعددة والتي تزداد كلما زادت تلك الفجوة، والحقيقة أن انحراف الفتيات كان يقابل بفكرة وأد البنات والتي ما زال في وقتنا المعاصر هناك من الآباء من يأدون بناتهم من خلال عدم الاعتراف بهن رسميا، وهذه قضية مطروحة في عدد من وسائل الإعلام تنتظر حلا من قبل أولئك الآباء؛ إذ تعتبر التربية مهمة للطرفين ولكن المرأة في كثير من الحالات.