ما يتمناه المواطن من الميزانية

لم يعد الكثير من المواطنين يتفاءلون بسماع أرقام الميزانية أو مخصصات كل وزارة أو جهة حكومية، والسبب يكمن في أن ارتفاع أرقام الميزانية والصرف الحكومي، لا ينعكس على رفاهية المواطن وعلى مستوى الخدمات، أو مشاريع البنية التحتية الأساسية، بل تسهم في زيادة التضخم، مما يرهق غالبية المواطنين. فالمبالغة في بناء المباني الحكومية وتوسعتها أكثر من الحاجة إليها مردود سلبي في الحاضر والمستقبل، فغالبية المواد الإنشائية ارتفع سعرها إلى الضعف وكذلك الأمر بالنسبة للعمالة، والأمر الأهم من ذلك كله، هو التكلفة العالية لصيانة وتشغيل تلك المنشآت،خصوصاً أنها من النوع الاستهلاكي (غير المنتج) الذي سوف يرهق الميزانيات المستقبلية. أمر آخر أن هذا الإنفاق الإنشائي المرتفع، لا يواكبه ارتفاع في مستوى الجودة والإنتاجية.
في ظل هذه الطفرة المالية التي تولد عنها نمو في قطاع الإنشاءات الحكومية، أتمنى أن تقوم المؤسسات الحكومية والجامعات وبتوجيه من وزارتي الاقتصاد والمالية بالاستفادة من الميزانيات في بناء مصالح وقفية يستفاد منها مستقبلاً لتشغيل وصيانة المؤسسات الحكومية، لأن المشكلة ستكون كبيرة جدا لو حصلت ضائقة مالية مستقبلية، لتشغيل وصيانة هذه المنشآت، حيث ستعمد الجهات المعنية،إلى تحميل المواطن العادي أعباء كثيرة على هيئة رسوم إلزامية، لتشغيل المنشآت الحكومية.
ما يتمناه المواطن من الميزانية تحديدا، أن يرى فيها سندا في مقاومته للغلاء والفقر، وذلك بدعم السلع الأساسية، وفي مقدمتها المواد الغذائية وحليب الأطفال..إضافة إلى الأدوية. لقد طال الانتظار ليرى المواطن نوعاً من الجمعيات التعاونية المدعومة حكوميا، التي يحصل فيها المواطن بموجب بطاقته المدنية على قائمة مواد غذائية له ولأفراد عائلته بأسعار مدعومة، وهذه لا تحتاج إلى لجان من مجلس الشورى وغيرها للنظر فيها، ففي دولة خليجية طبق هذا النوع من الجمعيات منذ أكثر من ثلاثين عاماً، ونجحت في حماية المواطنين من جشع التجار. بل إن هذا النوع من الجمعيات التعاونية، كان أفضل من القوانين التي لم يمكن تطبيقها للحد من غلاء الأسعار وجشع الموردين والتجار.
مما هو معروف أن غالبية المواطنين لا يمتلكون مسكناً خاصاً، ووزارة الإسكان لم تحرك ساكنا في هذا الموضوع، وقد زاد الطين بلة الارتفاع غير المنطقي وغير المبرر لأسعار الأراضي في بلد هو الأكبر مساحة جغرافية، وقليل السكان نوعا ما، حيث وصلت إلى أسعار فاقت أي مكان في العالم. لذا فمن المتوقع أن يكون من أهداف الميزانية، وهو ما وجه به خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، حل هذه المشكلة العضال وذلك ببناء مجمعات ذات طوابق عديدة وبمواصفات عملية وعالية، وكذلك أن تتكفل بعض مؤسسات الدولة إسكان موظفيها وتمليكهم، ويتطلع المواطن ألا تأتي الميزانية القادمة ونحن في مكانك راوح بخصوص أزمة الإسكان.
لا يخفى على عاقل يعرف أدنى مبادئ الاقتصاد أن يتوقع ويقر بوجود ارتفاع حقيقي لأسعار المواد، فهنالك بعض المواد ارتفع سعرها 100 في المائة وبعضها أكثر من ذلك خصوصاً المعتمد على المواد البترولية، وهذا بالطبع سببه واضح، وهو أن ارتفاع أسعار البترول قد تجاوز 200 في المائة خلال السنوات الأخيرة، لذا ينبغي أن تكون الزيادات في رواتب ودخول المواطنين متناسبة مع واقع سعر البترول وارتفاع أسعار المواد. من الأمور التي أتمنى مراعاتها في هذه الميزانية، أن يكون هناك تفكير جدي، بزيادة الرواتب وتحسين الأوضاع المعيشية للناس، بإلغاء الرسوم الموضوعة على الخدمات التي يحتاج إليها المواطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي