هذا التقرير المفزع!

الوفاة.. الانتحار.. العاهات المستديمة.. التشوهات الجسدية نتيجة التعرض للكي والحرق والجلد والضرب بأدوات حادة.. ناهيك عن الأمراض النفسية المعقدة التي تصيب ضحايا العنف وتلازمهم طوال حياتهم، بل تلعب دورا محوريا في تشكيل وتكوين شخصياتهم وطباعهم.. فيتحول المعنف أوتوماتيكيا لشخص عنيف يضرب ويبطش وينتقم ليفجر مشاعر الظلم والاضطهاد التي ترسخت في أعماقه.. أو شخص مريض مهزوز متوتر عديم الفائدة.. وقد يصبح لا هذا ولا ذاك لو تمت رعايته وعلاجه وتأهيله على أيدي مختصين اجتماعيين ذوي خبرة، وهذا تماما ما تفعله وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع الجمعيات الاجتماعية المختلفة والقطاع الصحي الملزم بالإبلاغ عن حالات العنف الأسري التي يتم استقبالها لديهم.
في خبر نشرته "الحياة" بتاريخ 25/9/2011 كشفت رئيسة برنامج الأمان الأسري الوطني في مدينة الملك عبد العزيز الطبية التابعة للحرس الوطني الدكتورة مها المنيف أن 9 في المائة من الأطفال الذين تستقبلهم المستشفيات نتيجة لتعرضهم لعنف أسري يفارقون الحياة.. وما خفي كان أعظم.. فليس كل الحالات التي تتعرض للعنف يبلغ عنها وذلك وفقا لنوع الإصابة.. لو كانت خفيفة ممكن علاجها بالمنزل فيا دار ما دخلك شر.. كأن شيئا لم يكن.. ويلا علقة تفوت ولا حد يموت.. أما لو كانت الإصابة خطيرة.. كسور في الأطراف والأضلاع.. رضوض.. إصابات في الرأس.. نزف الدماغ.. ارتجاج بالمخ.. نزف البطن والصدر.. ففي هذه الحالة يسارع الأهل بحمل الضحية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. والمؤسف حقا أن 60 في المائة من حالات العنف ضد الأطفال سببها الوالدان (الأب والأم) أي مصدر الحماية والأمن والأمان، ويتحول الأب لوحش كاسر معتقدا أن التربية والتأديب وتنفيذ الأوامر لا تتم إلا بالضرب والركل والشد.. والإحصاءات تبين أن الإصابات التي يتسبب فيها الأب تكون بالغة أكثر وأعنف من ضربات الأم.. وكذلك الحال فيما يخص زوجة الأب أو زوج الأم. ومع الأسف الشديد هناك 259 حالة انتحار خلال السنوات السبع الماضية.. وفقا لما كشف عنه عضو جمعية حقوق الإنسان.. طفلة في الثانية عشرة حاولت قطع شرايينها، وطفل آخر يماثلها سنا تخلص من مشاعر القهر والقمع بإلقاء نفسه من سطح المنزل.. وآخر غافل أسرته وشنق نفسه.. أين نحن من هذا كله؟!
إن 9 في المائة من المعنفين يفارقون الحياة، 90 في المائة من حالات العنف لا يبلغ عنها، وأن 10 في المائة تنقل للمستشفيات لتلقي العلاج نتيجة الإصابات الخطيرة، وأن حالة واحدة من ضمن 20 حالة يتم الإبلاغ عنها، وأن حالات الانتحار بلغت 259 خلال السنوات السبع الماضية.
هذا تقرير مفزع حقا.. فماذا نحن فاعلون؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي