العرب وعالم الإنترنت!
الإحصاءات تؤكد أن عشر 1/10 الشعب العربي يستخدم الإنترنت، فقد وصل عدد مستخدميه إلى 30 مليوناً (أكثرهم من الشباب) .. فقد ازدادت مواقع الويب باللغة العربية بين عامي 2000 و2008 بنسبة 2036.7 في المائة، لكن هذا الاستخدام ما زال فردياً وليس منظماً، وللمحتوى العربي على الويب، مجالات متنوعة تظهرها مواقع دينية، أدبية، علمية، تجارية، إدارية، إعلامية، اجتماعية .. وخلاعيةَ! ويزيد هذا التعدد من صعوبة التقويم، وثمة تناقض في شبكة الإنترنت .. كيف يمكن تقويم شبكة تضم محتويات شديدة التنافر؟ وكيف يمكن تقويم حضور ثقافة ما على تلك الشبكة؟!
الإجابة شديدة الصعوبة .. هناك مشكلة أساسية تتصل بنشر الثقافة العربية تكمن في تركيزها على نشر نتاجات الماضي من كتب علمية وأدبية ولغوية، مع إهمال وكسل بالنسبة إلى الإنتاج حاضراً، إذاٍ يجب ثقافياً الابتكار ارتكازاً على هذا الماضي، عبر تحويله إلى معطيات معرفية لإنتاج ثقافة حديثة .. وبخلاف ذلك تسير الثقافة في طريق الاضمحلال .. ولا تنتشر ثقافة التغني بالإخلال ثقافياً والاكتفاء بنشر الماضي .. وبـذا .. يشكل المخزون الأدبي "الكلاسيكي" العربي على الويب خطوة ضرورية، لكن من دون أن يصبح النشر هدماً بحد ذاته، وينبغي تحويل ذلك الإرث إلى حافز للإنتاج مع ملاحظة أن النتاج الفكري العربي القديم موجود وعند الغرب ومترجم إلى لغاتهم، وقد استخدموه في خلق نتاجهم الفكري.
إذاً ثمة مشكلة ظاهرة تتعلق بضآلة الإنتاج الفكري والثقافي العربي في الزمن الحاضر، هل ما ينشر من الثقافة العربية (أو عنها) يؤثر في المتلقي الأجنبي؟! هل البنية التحتية من جهة الموارد البشرية والتقنية تسمح بتسهيل توزيع الثقافة والأفكار؟! هل هناك تسهيلات منظمة وممنهجة لنشر ثقافة العرب والتعريف بها؟! هل هناك إنتاج ثقافي ومعرفي نتطلع إلى أن يصبح مرغوباً من الآخرين بحيث يفتشون عنه لاستخدامه؟ هل نحن مؤهلون لغوياً لذلك؟! أين نحن من عدد الوثائق المهمة نوعياً وليس كمياً، المترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى وبالعكس؟!
هل نحن قادرون على خلق محتوى وأشكال جديدة من الإبداعات الثقافية لكي تستمر؟ ما هي موازنة البحوث ومراكزها في العالم العربي؟ هل تكنولوجيا الشبكات تساعد فعلياً على نشر الثقافة، أم أن المشكلة تكمن في مكان آخر كالتربية والقراءة وغيرهما؟!
لذا يجب على المجتمعات العربية تهيئة البيئة المناسبة وتشكيلها سياسياً، قانونياً، وتربوياً لتسمح بالإبداع والابتكار .. عندها تستطيع الثقافة التفاعل مع النشر المعلوماتي .. وإذا لم تخلق البيئة المناسبة يصبح المجتمع مجرد متلق لثقافات أخرى أكثر ديناميكية كي تنمو الثقافة في المجتمع.
نعم هناك تدن في الإنتاج الثقافي ولكن الصورة ليست قاتمة دائماً .. إذ يؤدي الإنترنت العربي دوراً فعالاً في بعض القضايا وظهر ذلك في تأثيره المباشر على وجهة نظر المجتمع العربي خلال حربي غزة (2009) ولبنان (2006) إذ ساعدت التقنيات الرقمية على إبراز بعض وجهات نظر عربية استفادت من الشبكات الاجتماعية، مثل "فيس بوك" و"ماي سبيس" والمدونات العربية، واستعملت اللغات الأجنبية أحياناً وأظهرت الصورة الفعلية للعرب في زمن الأزمات .. فهل ينجح العرب في التأثير على ثقافات الغرب عبر التكنولوجيا؟!
سؤال ينتظر الرد!!