التأمين الصحي لذوي الاحتياجات الخاصة
قبل أيام كنتُ في زيارة لأحد المرضى المنومين في أحد المستشفيات الحكومية، وهو مريضٌ أصيبَ بشلل نصفي بعد عملية جراحية أجريت له قبل سنوات عدة، حدثني هذا المريض عن معاناته المادية من مراجعة المراكز الطبية الخاصة، وما يلاقيه من صعوبات في مراجعة المستشفيات والمراكز الطبية الحكومية، تتمثل في انتظاره فترات طويلة للحصول على موعد مع طبيب، أو لإجراء فحوص وتحاليل طبية.
هذا الوضع ليس خاصاً بهذا المريض دون غيره من ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يحتاجون إلى رعاية تتوافق مع وضعهم الصحي، والدولة ـــ ولله الحمد ـــ تبذل الكثير في سبيل توفير العيش الكريم للمواطنين، وهؤلاء فئة تستحق أن يُضاعف لها البذل، وتقديم ما يساعدهم على تجاوز معاناة الإعاقة، وتسهيل أمورهم، ومساعدة ذويهم على العناية بهم، ولعل من أوجب الأمور التي تحتاج إلى نظرة سريعة وشاملة، هو موضوع التأمين الصحي لهم ولذويهم، فهؤلاء بحاجة ماسة وعاجلة إلى هذا التأمين، وفيه بعض العزاء لهم، بل وفيه ما يشعرهم بتقدير المجتمع، وحرصه على توفير الحياة الكريمة لهم.
حينما طُرح موضوع التأمين الصحي على المواطنين، كانت هناك وجهات نظر متعددة، بعضها يؤيد التأمين الصحي على جميع المواطنين، والبعض يرى أن التأمين الصحي لا يعني توفير خدمات صحية عالية المستوى، تعادل ما يصرف على التأمين، وهذه نقطة تطرق إليها وزير الصحة الدكتور عبد الله الربيعة خلال افتتاحه مؤتمر ''التأمين الصحي 2011.. خيارات وآفاق''، حينما أشار إلى أن الدراسات الأولية التي اطلعت عليها الوزارة خلصت إلى أن التأمين الصحي التجاري يؤدي إلى رفع تكلفة الخدمات الصحية، وقد يشكّل عبئاً إضافياً على الدولة والمواطن.
كما تضمنت توصيات المؤتمر استبعاد فكرة التأمين الصحي التجاري من خلال الشركات، حيث إنه مبني على الربحية البحتة،، وأشارت التوصيات إلى أن التأمين الصحي الاجتماعي هو أكثر أنواع التأمين الصحي انتشارا في العالم، فهو إلزامي ولا يهدف للربح، ويضيف للمجتمع إمكانات علاجية جديدة، وبصفة مستمرة، وبما يتناسب مع احتياجات المواطنين الصحية.
هذا الاختلاف في وجهات النظر، والتحرز من أن يؤدي التعجيل بتطبيق التأمين الصحي التجاري الشامل لجميع المواطنين إلى تراجع في الخدمات الصحية، لا يمنع من أن تتولى الدولة التأمين لذوي الاحتياجات الخاصة وذويهم، بحيث يستطيع من يشملهم هذا التأمين، إضافة إلى استفادتهم من خدمات المستشفيات الحكومية، الاستفادة من مستشفيات القطاع الخاص، دون أن يتحملوا تكاليف العلاج.
وهذا الأمر إذا ما تم إقراره بالتنسيق مع جمعيات ومراكز رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة التي تقوم بجهد مشكور في مجالات عملها، سيؤدي إلى مزيد من العناية بذوي الاحتياجات الخاصة، كما سيجعل المستشفيات والمراكز الطبية تسعى إلى تطوير خدماتها الموجهة لهم، عبر توفير وحدات عناية منزلية، تسهل تقديم العلاج لهم، وتجهيز عيادات خاصة تتميز بالسرعة والتخصص في الجوانب التي تتعلق بصحة ذوي الاحتياجات الخاصة، بما فيها جانب التأهيل.
أعرف أن فاتورة التأمين على ذوي الاحتياجات الخاصة وذويهم، سوف تكون مرتفعة، إلا أن ما سيحققه التأمين لهم من راحة نفسية وتخفيف لمعاناتهم، يجعل التكلفة مهما بلغت يسيرة.