هل ينهي حكم القضاء المصري عقد تصدير الغاز إلى إسرائيل؟

عندما علم الرأي العام المصري بملف الغاز المصدر لإسرائيل أدهشته ثلاثة أمور: الأول، هو أن الغاز يصدر إلى إسرائيل في الوقت الذي يعاني فيه المصريون نقصا في الغاز وارتفاع أسعاره. والثاني، أنه يصدر بسعر بخس برره وزير البترول المصري في ذلك الوقت بأن مد إسرائيل بالغاز يعد ورقة للضغط على إسرائيل عند الحاجة. الأمر الثالث، هو الغموض والالتواء وعدم تحري الحقيقة في تقديم الموضوع لدرجة أن الغموض لا يزال يحيط بهذا الملف. ولذلك فإن دراسة أثر الحكم القضائي في هذا العقد تتطلب أن نحدد ماهية هذا العقد وطبيعته القانونية لأن هذا الموضوع يهم رجال الأعمال وقراء ''الاقتصادية'' من الناحية الفنية.
ذلك أنه يجب أن تتمتع العقود بدرجة كافية من الأمان والاستقرار وأن القضاء الوطني له حدود في أثره في العقود خاصة العقود الدولية، إذا كان محل العقد هو تصدير الغاز وكان محل النزاع الذي صدر الحكم فيه هو تصدير الغاز.
ومن الواضح أن الأحداث في مصر يكتنفها الغموض فيما يتعلق بقضية الغاز. وقد دفعت الحكومة السابقة أمام القضاء بأن موضوع الغاز والقرار فيه من إطلاقات الحكومة وهو لذلك من أعمال السيادة التي لا سلطة للقضاء عليها، ولكن القضاء الإداري فند هذا الدفع واعتبر أن الموارد الطبيعية والقرار بشأنها من سلطة مجلس الشعب وأما تنظيم الاستفادة من هذه الموارد فهو من سلطة الحكومة، ولذلك فإن العقد الذي أبرمته بصرف النظر عن طبيعته يعد قراراً إدارياً تنبسط عليه سلطة القضاء ومراقبته. وقد أكدت المحكمة الإدارية العليا أن الحكومة ملتزمة بالوفاء باحتياجات مصر أولاً من الغاز ولها بعد ذلك أن تصدر الفائض للخارج بالأسعار العالمية.
يبدو أنه في تحديد الطبيعة القانونية لهذا العقد أنه يقع بين أحد احتمالين: الاحتمال الأول، هو الذي حققت فيه النيابة العامة المصرية في قضية الفساد في ملف الغاز واتضح من التحقيقات أن هذا العقد عقد بين شركتين مصريتين هما الشركة المصرية العامة للبترول وهي شركة حكومية وشركة شرق المتوسط التي أنشأها حسين سالم الهارب، وبذلك تكون إسرائيل في هذا العقد مستفيدا وليست طرفاً، وبذلك فإن النزاع حول هذا العقد المصري يمكن تسويته أمام القضاء المصري وبالقانون المصري باعتباره عقدا إداريا ويؤدي الحكم القضائي إلى إنهاء العقد.
الاحتمال الثاني:هو أن حسين سالم باع حصته في الشركة إلى شريك أمريكي وفي هذه الحالة وفي ضوء انعدام المعلومات فإن هذا الشريك الأمريكي إما أن يكون مجرد شريك في شركة مصرية أو أن يكون هو المالك لهذه الشركة وأصبحت الشركة بذلك أمريكية، وهذا هو المستفاد من تصريحات المواطن الأمريكي الذي أكد أنه بدأ إجراءات التحكيم أمام مركز واشنطن لتسوية منازعات الاستثمار وأن مصر متهمة بالعجز عن توفير الحماية الواجبة للاستثمار الأمريكي أي شركة الغاز، وذلك وفقاً للاتفاقية المصرية - الأمريكية الخاصة بتشجيع حماية الاستثمار.
وسواء كان عقداً محلياً أو دولياً فإن الأخطر في تحديد مصيره ليس الحكم القضائي، بينما يكون فساد الطرف المصري هو الذي يبطل أي عقد، وتلك نظرية سنعود إلى شرحها بالتفصيل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي