الجيل الثالث ضرورة أم ترفيه؟
<a href="mailto:[email protected]">dr.awad@alasmari.com</a>
خدمات الجوال الحديثة ساهمت في تطور أجهزة الاتصال وفي تطور الخدمات التقنية من شبكات وبروتوكولات ووسائل اتصال وبرمجيات لخدمة المستهلك، وهذا بدوره له انعكاسات اقتصادية وتقنية هائلة. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه:
هل مراحل تطور الجوال ضرورة يحتمها الواقع الذي نعيشه؟
الهاتف الجوال أصبح ضرورة تحتمها وسائل المعيشة الحديثة وقد مر الهاتف الجوال بمراحل عديدة منذ أن قدم كوسيلة اتصال جديدة، وغير في سلوكيات المجتمعات وأعطى حرية التنقل والاتصال في أي زمان ومكان، شريطة توافر غطاء الشبكة.
الجيل الأول: كان ذا تكلفة عالية وخدمات محدودة (اتصال - رسائل محدودة الطول فقط) .
الجيل الثاني: استوجب تصنيع أجهزة متطورة، تحول معها جهاز الهاتف الجوال إلى حاسوب صغير يمكن مستخدميه من التقاط الصور وإضافة عدد من البرامج الحاسوبية المتقدمة وإمكانية تصفح الإنترنت وإرسال واستقبال ملفات بواسطة البلوتوث، ورافق هذا التطور في الأجهزة تطور في خدمات الاتصال (شبكة الجوال).
والآن نحن بصدد تقديم خدمة الجيل الثالث للهاتف الجوال، التي أعلنت شركة الاتصالات السعودية عن إطلاقها.
لماذا الجيل الثالث؟ وما فائدته؟
بحكم تخصصي في مجال معالجة الصور الرقمية وإرسالها عبر قناة لاسلكية ذات نطاق محدود، فقد نشرت عددا من البحوث في هذا المجال ومن ضمنها بحوث حول تقنية MPEG4، التي تُستخدم لإرسال مقاطع الفيديو عبر قناة اتصال محدودة السعة وبما يناسب الجيل الثالث.
معظم الأبحاث التي قمت بها طُلبت مني من قبل شركات عالمية مثل سامسونج وشركة كوال كم ومركز أبحاث خاص بوزارة الدفاع الأمريكية عندما قدمت ورقة علمية في مؤتمر الاتصالات العسكري الأمريكي "Milcom".
ما أريد أن أقوله هو تسابق الشركات العالمية ومراكز الأبحاث الدولية وتنافسها لدعم ما تنتجه العقول وذلك لتصنيع منتجات ذات كفاءة عالية لإرضاء المستهلك. بينما نحن وللأسف نسخّر ما لدينا من إمكانات لاستنزاف ما في الجيوب.
الجيل الثالث يحمل مزيدا من الخدمات الجديدة فائقة التقنية، التي تمكننا من مشاهدة المتصل على الطرف الآخر بواسطة " video call " وخدمة البث المباشر " live broadcast "، التي يمكن من خلالها مشاهدة القنوات الفضائية ، إضافة إلى خدمة الإنترنت عالية السرعة . ومن متطلبات الجيل الثالث تغير الشريحة، وهذا عبء جديد يُضاف إلى ميزانية المستهلك، علماً بأن تكلفة الإرسال والاستقبال سوف تتضاعف.
هل وصل بنا الحال إلى الاكتفاء بشراء واستهلاك آخر ما وصلت إليه التقنية سواء أكانت ( سيارات أم جوالات أم حواسيب، ..... إلخ )؟
ما الآثار المستقبلية على الأجيال من ذلك؟
هل نحن نسير في الاتجاه الصحيح؟
الجيل الثالث مجرد بلوتوث واسعة الانتشار - إنترنت اللاسلكية - محطات فضائية متحركة. سوف يكون الجيل الثالث فخا أكبر للوقوع في أعراض الناس وإيذائهم إذا ما أسيء استعماله، وفي الوقت نفسه وسيلة اتصال ذات قيمة إيجابية عالية إذا أحسن استعمالها.
كيف يمكن تطويع الجيل الثالث للمصلحة العامة؟
ما التطلعات المستقبلية لشركاتنا المحلية بخصوص نقل التقنية وتوجيهها؟ أو إنشاء مراكز أبحاث في مجال تقنيات الاتصالات والهاتف الجوال؟
قد يصبح الجوال ضرورة لحل كثير من المشكلات. ومن أهم التطبيقات المستقبلية إدارة المنزل والتحكم فيه عن بعد (البيوت الذكية). قراءة عدادات الماء والكهرباء آلياً وإرسالها على شكل رسالة عبر الجوال. التحكم في ري المزارع عن طريق الجوال. إرسال رسائل آلية فيما بين غرف التحكم الخاصة بالمرور وسيارات المرور والإسعاف المتحركة في الطرقات.
ما سبق ذكره من أمثلة لهذه التطبيقات قد أنتج على شكل أبحاث طلابية بقسم الهندسة الكهربائية في جامعة الملك سعود –. و يعود الفضل – بعد الله – إلى المسؤولين في الجامعة وبعض التعاون المحدود من قبل الشركات الأجنبية والموجودة في السوق السعودية، حيث أهدى بعضها معملا متكاملا لنظام التشغيل الخاص بالهاتف الجوال وتطورات الجيل الثالث للجامعة، وقد أحدث هذا المعمل على بساطته نقلة نوعية في مجال ما يسمى بـ M2M، تحدث الآلة إلى الإنسان أو إلى آلة أخرى والعكس. و ُمِل فيه عدد من الأبحاث المتطورة. ونُشِر عدد منها في مؤتمرات عالمية ومجلات محكمة، بل هُناك طلبة قاموا بتصميم جوال جديد وبمواصفات خاصة في هذا المعمل.
آمل من شركاتنا المحلية، التي تسعى دائما إلى تقديم خدمات متميزة لزبائنها ألا تنسى دعم الأبحاث في هذا البلد المعطاء. وسوف أتطرق في المقالات المقبلة (إن استطعت) إلى دراسة إحصائية عما قدمته شركاتنا المحلية لدعم الأبحاث وتطويرها.