سأتعلم درسا مهما حدث
من وقت لآخر يستجيب جميعنا لتفسير معين نحو موقف ما صادفه ثم يكتشف بعد ذلك بأنه قد أخطأ في ذلك التفسير، وتكون المشكلة الناجمة هي من صنع أيدينا وطريقة تفكيرنا، فهل سبق لك أن واجهت مشكلة وشعرت بعد حين بالدهشة من رد فعلك إزاءها؟ أو هل تذكرت أوقاتا بالغت فيها في ردود أفعالك أو تعجلت في استجاباتك، أو قمت فيها بترجمة حدث ما بناءً على مشاعرك الخائفة؟
عندما تكون في موقف عصيب أو أزمة ما، فإن الطريقة التي تتحدث بها إلى نفسك هي التي تتحكم في الكيفية التي ستخرج فيها من ذلك الموقف أو تلك الأزمة، وتحديد المدة الزمنية التي ستستغرقها وأنت تخوض غمار هذا الموقف إلى أن ينتهي.
يفيدنا في تجاوز ذلك امتلاك مهارة الحوار الهادئ مع النفس، بأن نأخذ نفسا عميقا أو اثنين في البداية حتى نسترخي ثم نرسل لأنفسنا عبارات تشجيعية مثل: «لقد تكيفت مع موقف أصعب من قبل وتجاوزته ـــ بفضل الله ـــ ولذا فأنا قادر على التكيف مع الموقف الحالي». أو عبارات إثبات الذات من قبيل «يمكنني القيام بهذا»، ونحاور النفس المتوترة لدفعها للتفكير بعقلانية وطريقة بناءة بطرح أسئلة مثل: هل هناك احتمال لأن أكون مبالغا في توقعاتي؟ هل هناك شخص أعرفه كان في موقف مشابه ويمكنه مساعدتي؟ كيف يمكن أن تصير الأمور على خلاف ما أظنه؟
قد يستغرق هذا بعض الوقت إذا كنت تمر بصدمة كبيرة، فغالبا ما يقول الذين يتعرضون لصدمات كبرى: «لا يمكنني أن أصدق ذلك» حيث يشرد العقل لفترة ونشعر حينها بأننا لا نملك الحراك لكن المهم هو ألا تدع هذه المرحلة تطول، وبمجرد أن تفيق من حالة الذهول وعدم التصديق سيكون من المهم البحث في طيات الموقف عن عبرة مفيدة أو خبرة جديدة تعيد صياغته بطريقة إيجابية.
قد لا تتمكن من استنباط شيء ما في البداية، ولكن مع الوقت والرغبة في التحلي بالتوجه الإيجابي وتحويل اتجاه التركيز يصبح التعلم أعمق وأعظم، حيث يمكنك أن تخبر نفسك قائلا: «بالرغم من أنني لم أكن أرغب أبدا في ذلك ، فها أنا أتعلم درسا مهما مما حدث».
يساعدنا كثيرا أيضا أن نستحضر في ذهننا صديقا حكيما أو شخصا خبيرا ونتصور الأسلوب الذي كان يمكن أن يتعامل به مع ذلك الموقف، مع الحرص على محاورة النفس بالرفق لأننا في الأغلب تكون استجابتنا التلقائية في معظم الأحوال هي أن نلوم أنفسنا بقسوة، والبعض من جهة أخرى دوما على استعداد للتعجل في أحكامهم واستنتاجاتهم فيلومون الآخرين أولا، لأنه الخيار الأسهل للتخلص من المسؤولية الذاتية، لكنه يحجم من قدرتنا على استعادة عافيتنا بعد المشكلة أو الأزمة.
وبغض النظر عن مدى تعقيد الموقف أو تأزمه فإن تغيراً بسيطا في أسلوب ترجمة الموقف سيكون له أثر عميق ومذهل في نفسك وفي الآخرين أيضا، وإن محاولة القيام بنشاط مبهج يجدد طاقة العقل ويمنحه الفرصة لرؤية الأشياء بمنظور مختلف، وتأكد أنك إذا شعرت دوما أن جميع مشاكلك كبيرة فمعنى ذلك أن تواجهها بمقدرات شخص صغير.