تقدم الأشرار وتأخر الأخيار
<a href="mailto:[email protected] ">[email protected] </a>
في يوم السبت الماضي نشرت صحيفة محلية على الصفحة الأولى تصريحاً لأحد أمراء المناطق يقول فيه (مختلسو الشركة قتلوا القضية بنفوذهم)، لم أصدق العنوان واعتقدت أنه صياغة صحافية وذهبت أتصفح التفاصيل التي جاءت في مقابلة طويلة مع أمير المنطقة يؤكد من خلالها أن أعضاء مجلس إدارة الشركة التي يرأس مجلسها نجحوا بنفوذهم في "قتل" القضية وقال "لا نستطيع الاعتراض عليهم لأنني في مجلس الإدارة رئيس فخري فقط، ولم يعرف حتى الآن مسؤولية على أحد الأطراف كسبب في انهيار الشركة التي يمكن أن تنهض وتستمر"كما أفاد في حواره للصحيفة" أنه خلال 20 عاما مضت لم نستطع إيقاف المعتدين على الأراضي وأن مكتبه يعاني البيروقراطية، لقد كان، أمير المنطقة واضحا وصريحا وشجاعا في الوقت نفسه فاعترف بانتصار الأشرار مؤكداً أنه وعلى الرغم من منصبه كرئيس مجلس الإدارة وأمير منطقة لم يستطع أن يكتشف الشر ويقضي عليه، بل إن الشر حتى الآن هو المنتصر.
إن الصراع بين الخير والشر موجود منذ بداية الخلق وهو يتنوع على مر الأزمان، فتارة يسطع الخير ويختفي الشر وتارة يعلو الباطل ويخبو الحق فهي جولات متوالية ومتتابعة، والمتأمل في كثير من المواقف اليوم يلاحظ أن الفساد أصبح منتشراً مع وجود الخير وأن الكفة تبدو وكأنها أصبحت للأشرار مع وجود الأخيار، فكم من مسؤول يشتكي ضياع الأمانة في دائرته لسيطرة فئة فاسدة على مقاليد الأمور، وكم من مواطن يتألم من عدم انتهاء معاملته لوقوعها في براثن موظف فاسد، وكم من منشأة أصبح شعارها إن لم يكن لديك وسيط أو معرفة بالداخل فلا داعي لأن تدخل لأن رئيسها غرس هذا المفهوم في معظم العاملين، أموال المواطنين في الأسهم تختفي أمام أعينهم خلال الفترة الماضية ولا يستطيعون فعل شيء ومعظمهم على يقين أن هناك أمرا غير صحيح يحدث وأن هناك فئة فاسدة (بعض الهوامير) تسيطر على السوق وتزيح من يقف في طريقها ولا يستطيع أحد فعل شيء لها، وهناك بعض الجهات إذا تم اختيار مسؤول صالح لها تجد أن مجموعة من المفسدين يسعون إلى إسقاطه والتآمر عليه لإفشال مهمته، كثيراً هي المشاريع التي تبدأ في مختلف المناطق ولا تنتهي وإن انتهى بعضها كان بمواصفات تختلف عما اعتمد له في البداية، أصبحت بصمات الفساد واضحة في كثير من المواقع وأصبح المفسدون ممن يتصدرون في كثير من المجالس ويفسح لهم فيها ويقربون بل وفي بعض الأحيان يتقلدون بعض المناصب، كما أصبح العديد من وسائل الإعلام تطلب رأيهم وتقبل قولهم وتستضيفهم في برامجها.
مع كل هذه المؤشرات السلبية فهناك أيضاً مؤشرات إيجابية وهي أن هؤلاء الأشرار وعلى الرغم من تحقيقهم بعض الانتصارات فإن المجتمع قد بدأ في التعرف عليهم من خلال الوسائل نفسها التي يستخدمونها فمن يتابع وسائل الإعلام يعرف كذبهم وخداعهم وتصريحاتهم التي لايقبلها عقل ولا منطق والمراقب لإنجازاتهم يعرف أنها كلام في كلام ولا يوجد لها أي حقيقة على أرض الواقع ومن يتحدث إليهم ويلتقي بهم يتعجب بشدة كيف لهؤلاء أن يكونوا في مثل هذه المناصب ويعرف يقيناً أن بقاءهم إنما هو مسألة وقت.
إن علينا كأفراد في هذا المجتمع أن نقوم بكشف هؤلاء الأشرار للمسؤولين وأن نستجيب لدعوة خادم الحرمين الشريفين في مكافحة الفساد، فكم من فاسد اليوم لو علم عنه المسؤول لما أبقاه في منصبه وكم من شرير يقوم بالاختلاس والسرقة والارتشاء ويبدو لغيره أميناً مؤتمناً، فدورنا أن نتكاتف لنحمي مجتمعنا من هؤلاء بعد التأكد من فسادهم وألا نسكت عنهم وأن ننبه المسؤولين منهم ومن أشباههم فإن سكتنا عنهم فإننا بذلك نعينهم على نشر الفساد وعلى أن يضرونا بتصرفاتهم، وهذا الواجب إن لم يسهم في التعجيل بهزيمتهم فهو على أقل تقدير سيسهم في التعريف بهم وحصر أذاهم وتحجيمهم.