البحرين .. الهدف هو (النموذج)
■ من الأزمات تتحقق الفرص.. ومن التحدي تأتي الاستجابة.. وهذا ما يحدث في دول مجلس التعاون..
الأزمة في البحرين وعُمان كشفت أن دول المجلس قادرة على مرونة المبادرة وسرعة القرار، والأحداث حول المنطقة تعلمها مدى الحاجة لوجود ساحة مناورة سياسية ودبلوماسية تستطيع عبرها طرح خياراتها الاستراتيجية وتقديم اعتبارات المصلحة العليا وضرورات الأمن الوطني. لذا أزمة البلدين أوجدت (الفرصة) لتوحيد الجبهة الداخلية وتحصينها وتوحيد العمل الدبلوماسي والاقتصادي والعسكري الدفاعي، هذا ليس اكتشافا جديدا، بل هو موجود ولكن حميمية العلاقات بين الدول أحيانا توجد التراخي أو المجاملات، أو التأجيلات، وحدث هذا في مسيرة المجلس، ولكن الأحداث تصنع المواقف وتكشف عن معادن الرجال، بالذات رجالات الدولة.
الآن الأوضاع في المنطقة تقدم (فرصة) لبروز جيل جديد من رجالات الدولة، خصوصا أن المنطقة معرضة للتحدي الكبير الذي يمس مستقبلها ووجودها، والاستجابة يفترض أن تأتي على عدة مستويات. ما يهمنا وبشكل ملح هو ضرورة بلورة الاستجابة الخليجية لأزمة البحرين، ليكون واضحا أن دول المجلس ما يهمها من دعم البحرين هو (دعم النموذج)، أي دعم البحرين لتكون نموذجا للتعايش السلمي.
كما كان العرب يتطلعون لأن يكون لبنان نموذجا للدولة التي يتكامل فيها الاختلاف ليقدم دولة مدنية عصرية، ترد على الذين يدعون أن الدول العربية لا يمكن أن تكون بيئة حاضنة للاختلاف والتنوع بين الأديان والأعراف والثقافات، أيضا دول مجلس التعاون تريد البحرين نموذجا خليجيا للتعايش السلمي بين أبنائه، وهذا ما يزعج إيران، فهي تريد البحرين ذريعة للعبث بالمنطقة تمهيدا لمشروعها الذي يتبناه المتطرفون الصفويون بعد اعتقادهم نجاح مشروعهم في العراق.
لذا جاءت الاستجابة الخليجية للتحدي الإيراني الذي يسعى لاختراق المنطقة والهيمنة عليها ليحقق طموح القوميين الإيرانيين، الذين لا يهمهم مصلحة الشعب الإيراني بكل أطيافه، ولا مصلحة شعوب المنطقة.
لقد تم دعم البحرين انطلاقا من اعتبارات الأمن القومي العربي والمصلحة العليا لشعوب الخليج، فالبحرين جزء من المحيط الكبير، ومخطئ من يعتقد أن أمن البحرين خارج سياق أمن الدول العربية، فالشعب البحريني لا يمكن عزله جغرافيا وسكانيا عن إطاره الواسع، فالتركيبة السكانية تتجاوز البحرين، ولا يمكن حسم المعادلة في البحرين بعيدا عن اعتبارات الجغرافيا والسكان في الخليج والعالم العربي.
هذا التصور يحتاج إلى رجالات الدولة الذين يتبنونه ويقدمونه بوضوح، إقليميا ودوليا، فعلينا واجب حماية النموذج البحريني، نموذج التعايش السلمي الذي يعيد للبحرين مكانتها ويستثمر قواها الكامنة .. والموقف الخليجي الداعم للبحرين على كل الجبهات (فرصة) تاريخية ندعو الله أن يستثمرها إخواننا هناك فلديهم ما يكسبونه، ولديهم ما يخسرونه، وهذا يتوقف على الجيل الجديد من رجالات الدولة في البحرين، إنهم أمام مسؤولية تاريخية كبيرة للحفاظ على بلدهم.