جمهورنا «الحلقة الأضعف»

في الحلقات المتتالية من كشف المستور التي يقوم بها طاقم برنامج ''الجولة''، وصل الحديث عن الجماهير ومعاناتهم في الملاعب حتى خيل للمتابع أن هناك من لا يريدهم للحضور، بل إن هناك من يستخف بهم ببيع التذاكر، ومن ثم منعهم من الدخول بحجة تكون أوقات مقبولة وفي أوقات أخرى سخيفة، وكان تنظيم الدخول للملاعب علم يحتاج إلى الفلسفة المعقدة من قبل المنظمين الباحثين عن أشياء تخصهم لا تمت إلى راحة الجماهير بصلة، بل على العكس نقلوا فلسفتهم إلى الإعلام محاولة منهم للخروج بصورة ''المسؤول الفاهم''، ورمي التهم تجاه الجماهير القادمة لأجل التمتع بكرة القدم، ولكن من المشاهدة المصورة تكتشف أن هذه المتعة تحولت إلى عناء تجعل ''من يحترم نفسه'' يرفض الذهاب إلى الملاعب مرة أخرى من أجل ألا يصاب بتحول نفسي حين يشاهد ما يحدث في الملاعب الأخرى ويقارنه بما يحدث هنا.
هنا إن لم تكن من أصحاب المقصورة فأنت ستكون من أصحاب المعاناة، فمجرد تفكيرك إلى الذهاب لحضور المباراة تبدأ معك الأحداث التي تكفي لنشر وثائق تدين كل من أعطى المسؤولية فقام برمي ما يحصل على ثقافة الجماهير، وكأنهم يريدون منك أن تعترف بكونك لا تمتلك الثقافة الكافية من أجل حضورك لمباراة كرة قدم.
هؤلاء المنظرون لا يستطيعون حتى تنظيم أنفسهم، كل المشاهد التي عرضت ترسل لنا رسائل مفادها ''الفوضى'' ولا غيرها، ابتداء من الحراسة على الأبواب واختلاف القوانين، فهذا يسمح بالكاميرا والإعلام وذاك يرفضها؛ لأن هؤلاء الأشخاص لا يمتون للرياضة لا من قريب أو بعيد، بل على العكس من ذلك يعتقدون أن وجودهم هنا فقط من أجل الوجود لا أكثر. لا أعتقد أن هناك من زودهم بما يجب القيام به، بل على النقيض من ذلك وهو النظر لهؤلاء الجماهير من الناحية التسويقية بأنهم من ينجح المباريات، هؤلاء من يدخل على الأندية الأموال، هؤلاء بحضورهم يرتفع المستوى الفني للاعب، هؤلاء من يجعلون الآخرين يتغنون بكرتنا، هؤلاء من يجعلون من الرياضة سوقا تسويقيا ذا مداخيل عالية، هؤلاء من يقف خلف الأندية والمنتخبات، ومن أجل هؤلاء الكثير يتمنون وجودهم في ملاعبهم ولا يجدونهم، وأنتم هنا تنفرونهم....!
ليس هناك الحد الأدنى من الترفيه، وليس هناك الحد الأدنى من سبل الراحة، وليس هناك أكثر من الشاي وعصير ''أبو مصاص''، وقطعة صغيرة من الخبز اليابس.
وغير ذلك من الأشياء التي تجعل المشجع يفكر كثيرا قبل أن يستخير الله ويشد الرحال إلى الملعب، فهل تنتظرون حتى تكون ملاعبكم مهجورة؟ بعدها لن تستطيعوا إقناعهم من أجل العودة لكم، فأنتم من أسباب بقائنا وعدم تطورنا، فهل نحن على موعد لسماع خبر الاستقالة منكم، حتى إن لم تحصل من قبل؟
خاتمة
يقول المثل الصيني: ''البيوت السعيدة لا صوت لها''.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي