القدوة في هيئة سوق المال

<a href="mailto:[email protected]">bader1001@yahoo.com</a>

في الأسبوع الماضي أكد مجلس الوزراء على "المضي قدما في سياسة الدولة الرامية إلى توسيع فرص الاستثمار ومضاعفة الجهود لمراقبة التداول بدقة وعدم التهاون في تطبيق النظام والتوسع في نشر المعلومات الدقيقة عن الشركات المساهمة وأن يتم ذلك على وجه السرعة مع الاستعانة بكافه الكفاءات المتميزة من داخل المملكة وخارجها".
إن تأكيد الدولة على الإسراع في ضبط الأمور قد بدا واضحاً وجلياً من خلال ذلك القرار بما لا يدع مجالاً للشك. لم يكتف القرار بتوجيه الجهات المعنية بالعمل على ذلك فحسب, بل حدد لها الأمور التي يجب عليها تأديتها وبأسرع وقت, كما قطع الطريق أمام الأعذار التي طالما سمعناها من المسؤولين، التي تعزو التقصير إلى كبر حجم العمل ونقص الكفاءات المتاحة. إن توجيه مجلس الوزراء الموقر بالاستعانة بكافة الكفاءات المميزة من داخل المملكة وخارجها سوف يكون حجر الأساس لتطوير الأنظمة والرفع بمستوى أداء هيئة سوق المال إلى مصاف الهيئات العالمية. إن بلداً مثل المملكة يملك اقتصاداً من أكبر اقتصاديات العالم لا يمكن أن يبقى معملاً للتجارب المحلية وبيئة خصبة لممارسة الأخطاء التي مر بها جميع من سبقونا في هذه المجالات. لقد عملت الدول المتقدمة سنين طويلة على تنقية أسواقها من الأخطاء وجربت الكثير من الحلول النظامية والتقنية واستفادت من تجاربها في سن الأنظمة والتعليمات التي تحد من التلاعب في السوق وتضمن العدل ومبدأ تكافؤ الفرص وتحارب التلاعب والاحتكار والغش, ولذا فإن قرار مجلس الوزراء بالاستفادة من تلك التجارب من خلال الاستعانة بالخبرات العالمية سوف يوفر على الوطن سنين طويلة من العمل والكثير من الأموال ويحميه من الوقوع في أخطاء سبق للغير المرور بها. إن اقتصاد العالم أصبح متشابكاً أكثر من أي وقت مضى ويتأثر بالمعايير والقوانين الدولية أكثر من تأثره بالأنظمة المحلية, ولذا فإن التأكيد على الاستعانة بالخبرات العالمية يعتبر من أهم القرارات الاستثمارية في مستقبل اقتصاد البلد الذي ينمو بسرعة لا يمكن معها الاكتفاء بالموارد البشرية المحلية, كما أن الاستعانة بالخبرات العالمية هي أفضل أسلوب لتطوير الخبرات والكفاءات المحلية حيث إن ذلك يسهم في الرفع من مستوى الأداء وتوطين المعرفة وتأصيل ثقافة الإتقان للعمل في مجتمعنا. إن هذا التوجه من الدولة للرفع من أداء قطاع حكومي معين من خلال تعزيز مبدأ الشفافية والصرامة في تطبيق النظام والاستعانة بالخبرات العالمية المتاحة يعتبر باعثاً للأمل في أن يشمل ذلك جميع القطاعات الخدمية الحكومية الأخرى التي تراجع أداؤها إلى مستويات لا تتناسب وتطلعات المجلس وحاجة المواطنين. إن الأمثلة على الحاجة الماسة لتبني هذا التوجه الكريم أكثر من أن تحصر في مقال, فقطاعات الصحة والتعليم والخدمات البلدية والتجارة والنقل قد تكون أكثر القطاعات حاجة لتطبيق مثل هذا التوجه, ولن تستطيع بدونه تحقيق التطور الذي تطمح الدولة في الإسراع به, كما أن بقاء أدائها على ما هو عليه سوف يكون عائقاً أمام خطط الدولة في توسيع قاعدة الاستثمار والرفع من مستوى المعيشة للمواطنين والساكنين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي