ماذا نستفيد عندما يتحدث أصحاب المعالي؟

مجموعة من الوزراء والمعالي تحدثوا في منتدى التنافسية الأسبوع الماضي لطرح رؤيتهم عن مستقبل الاقتصاد السعودي. فوزير المالية يتوقع نمواً أفضل في 2011 بنسبة قد تصل إلى 4 في المائة، ويؤكد استمرار الإنفاق الحكومي، وخصوصاً ما التزمت به الحكومة السعودية في قمة العشرين حتى 2013. ويقول وزير النفط السعودي إن السعودية لديها فائض إنتاج نفطي بنحو أربعة ملايين برميل في اليوم. ويرى وزير العمل أن أربعة آلاف ريال تمثل أجرا مقبولاً، وكأنه يحدد حدا أدنى للأجور للموظف المواطن. ويقول إن نسبة البطالة في المملكة هي 10 في المائة. ومحافظ البنك المركزي قلق من تجاوز التضخم نسبة 5 في المائة.
ومن الأرقام بعاليه يمكننا القول إن بإمكان الاقتصاد السعودي تحقيق نمو أعلى من 4 في المائة في 2001، وإن المملكة قادرة على خلق التوازن في السوق النفطية في سبيل المحافظة على استقرار الأسعار. ولكن التحدي الأكبر هو في قدرة الحكومة على خفض معدلات البطالة ومحاصرة التضخم. فمسؤولية خفض معدلات البطالة تحتاج إلى جهود جبارة قد يكون أحدها وضع حد أدنى للأجور، إلا أنه لا يمكن أن يكون ذلك أمرا ممكناً في ظل وجود أكثر من سوق عمل في المملكة وبأجور مختلفة ومتباينة. فهناك سوق عمل ''العمالة المنزلية''، وسوق عمل ''عمال النظافة'' وما في حكمهم، وسوق عمل ''عمال المقاولات والصيانة'' ومن في حكمهم. وسوق عمل ''للفنيين والمهرة'' ومن في حكمهم، وهكذا. والعمالة تأتي من عدة دول بأجور عمل مختلفة، حيث إن كل دولة لها أجر يناسب مستويات المعيشة لديها لا يمكن أن يكون مماثلاً لمستويات المعيشة في المملكة. لذا فإن الحد الأدنى للأجور في المملكة هو الأجر الذي يوفر حدا أدنى من مستويات المعيشة المقبولة لكل شخص في المملكة. فالمواطن لن يقبل أجرا لا يوفر له مستوى معيشيا مقبولا له ويلبي حاجاته الأساسية. ذلك أن العامل الوافد القادم من خارج المملكة لا يأتي إلى هنا إلا وهو يدرك تماما أن الأجر الذي يتلقاه في المملكة يوفر له مستوى كريماً من المعيشة ويلبي حاجاته الأساسية، وقد يدخر من ذلك الأجر له ولأفراد عائلته في بلده الأصلي. لذا فإن الحد الأدنى للأجور لا يمكن تطبيقه في المملكة بوضع رقم لأجر معين، بل تحكمه مستويات المعيشة المقبولة لدى الأفراد. ومع ذلك يجب ألا ينظر على أن البطالة بين السعوديين هي مسألة أجر بقدر ما هي مسألة سوق مفتوحة تفتقر إلى أدنى التنظيمات والتشريعات المهمة لخفض معدلات البطالة والتي تحتاج تلك التنظيمات والتشريعات إلى تضافر عدة جهات حكومية يلزمها وضع استراتيجية متكاملة لسن التشريعات الضرورية لسوق العمل تركز فقط على خفض معدلات البطالة إلى أرقام مقبولة. فمستوى 10 في المائة من البطالة لا يتناسب مع معدل تضخم يتجاوز 5 في المائة أقلق محافظ البنك المركزي. فكلما زادت معدلات البطالة وجب أن يواكبها انخفاض في معدلات التضخم، إلا أن ما يحدث عندنا هو العكس، فالبطالة تتزايد ومعدلات التضخم تتزايد. وكما أنه ليس بمقدور وزير العمل وحده خفض معدلات البطالة، فإن محافظ البنك المركزي ليس بمقدوره خفض معدلات التضخم في ظل تثبيت سعر الريال بالدولار، مع عدم رغبة «ساما» الاقتراح برفع قيمة الريال أمام الدولار لرفع القوة الشرائية للمواطنين. وأستغرب ردود البعض في أن قيمة الريال ستخفض الأصول الأجنبية المقومة بالدولار وتجعل صادراتنا أغلى من أسعار المنافسين الآخرين، وكأن دورنا هو في حماية المصدرين وأرصدة حكومية موجودة في استثمارات خارجية على حساب رفع المستوى المعيشي للمواطن.
إن الرؤية التي سمعناها من أصحاب المعالي نتطلع لأن تكون دافعا للتغيير ومحققة لنتائج ملموسة بحيث يلمسها المواطن لتساهم في زيادة رفاهيته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي