الاقتصاد الصيني 2030
تشير إحصائيات البنك الدولي والحكومة الصينية التي نشرت هذا العام إلى أن الصين ـــ بعد ثلاثة عقود من النمو المذهل ـــ تجاوزت اليابان لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة .. ويعد صعود الصين تأكيدا للتوقعات المتتالية بأنها ستكون قوة اقتصادية عظمى يحسب لها حساب اقتصادي جديد.
فقد بلغت قيمة الاقتصاد الياباني نحو 1.28 تريليون دولار في الربع الثاني، وذلك أقل بقليل من الصين التي يصل اقتصادها إلى نحو 133 تريليون، وكان نمو الاقتصاد الياباني بنسبة 0.4 في المائة في الربع أقل بكثير مما كان متوقعا .. ويقول خبراء إن النفوذ المتزايد للصين يعزز التوقعات بأن الصين ستتجاوز أيضا الولايات المتحدة، وتكون أكبر اقتصاد في العالم بحلول 2030. وكان الناتج المحلي الإجمالي في أمريكا نحو 14 تريليون دولار في عام 2009.
بالنسبة لليابان، التي اتسم اقتصادها بالركود لأكثر من عقد من الزمان، فإن الأرقام تعكس تراجعا في القوة الاقتصادية والسياسية. وكان الاقتصاد الياباني يعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم في العقود الأربعة الماضية، وخلال بداية الثمانينيات كان هناك حديث حتى عن إمكانية أن يتجاوز الاقتصاد الياباني الولايات المتحدة. قبل خمس سنوات فقط، كان الناتج المحلي الإجمالي للصين نحو 2.3 تريليون دولار، ما يقرب من نصف اليابان، ومساحة الصين تقارب الولايات المتحدة، ولكن مع خمس سكان العالم وعدم كفاية الموارد .. ودخل الفرد فيها يماثل الدول الفقيرة مثل السلفادور وألبانيا ـــ أي ما يقارب نحو 3600 دولار ـــ في حين أن الولايات المتحدة يبلغ متوسط دخل الفرد نحو 46 ألف دولار.
الواضح أن الصين بدأت بالفعل كمحرك رئيسي للنمو العالمي وإعادة تشكيل طريقة عمل الاقتصاد العالمي بحكم هيمنتها المتزايدة على التجارة وعلى كنز ضخم من احتياطيات النقد الأجنبي، وشهيتها الشديدة للنفط والفحم وخام الحديد وغيرها من الموارد الطبيعية .. وتحليلات الخبراء الاقتصاديين تؤكد أن الصين ستكون الأولى عالميا في استهلاك الطاقة خلال العام المقبل 2011، إضافة إلى نفوذها الكبير في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.
الصين اليوم تبذل كثيرا من الجهود للتأثير في الاقتصاد العالمي؛ مثلا أصبحت اليوم مهيمنة في آسيا وهناك كثير من الاقتصادات الأخرى في المنطقة تعتمد أساساً على ذيول المعطف الصين .. كما للصين تأثير كبير في أسعار السلع الأساسية ـــ في روسيا والهند وأستراليا وأمريكا اللاتينية .. بينما تكافح الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من أجل النمو في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية، واصلت الصين تسلق الجداول الدورية الاقتصادية من خلال الاستثمار بكثافة في البنية التحتية ودعم خطة تحفيز بقيمة 586 مليار دولار.
من جهة أخرى، تخوض الصين مناقشات حامية حول سياسة عملتها، مع الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي التي تتهم بكين بإبقاء العملة الصينية منخفضة بشكل مصطنع لدعم الصادرات ـــ ما أدى إلى فوائض تجارية ضخمة بالنسبة للصين والعجز بالنسبة للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وتقول الصين التي لم يتم تخفيض قيمة عملتها بشكل كبير، إنها تمضي قدما في إصلاح العملة.
وبغض النظر عن النمو السريع للصين فإن التوقعات تشير إلى أنها ستستمر في المنافسة بقوة مع الولايات المتحدة وأوروبا على الموارد الطبيعية، وفي الوقت نفسه تمنح فرصا كبيرة للشركات للاستفادة من السوق الصينية .. وعلى الرغم من أن الاقتصاد الصيني لا يزال فقط ثلث حجم الاقتصاد الأمريكي، إلا أن الصين تجاوزت الولايات المتحدة العام الماضي لتصبح أكبر سوق في العالم لسيارات الركاب، وتجاوزت الصين أيضا ألمانيا لتصبح أكبر مصدّر في العالم.
بعض المحللين يقولون إنه في حين أن الصين حريصة على فرض نفسها كقوة مالية واقتصادية ـــ ودفع الشركات المملوكة للدولة على الانطلاق نحو العالمية، إلا أنها غير راغبة في القيام بدور أكبر في المسرح الدولي، وكذلك النقاش حول تغير المناخ أو كيفية إبطاء نمو انبعاث الغازات .. فلقد تجاوزت الصين الولايات المتحدة في 2006 لتصبح أكبر باعث لغازات الاحتباس الحراري، لكن الصين لديها أيضا برنامج طموح لخفض الطاقة التي تستخدم لكل وحدة من الناتج الاقتصادي بنسبة 20 في المائة بحلول نهاية العام الحالي 2010، مقارنة بعام 2006.