صدق الملك.. فصدقت مشاعر الناس
سمع الناس بيان الديوان الملكي الأول؛ إلا أن قلوبهم ومشاعرهم كانت قلقة شغوفة برؤية قائدهم؛ فخرج عليهم ـــ يحفظه الله ـــ مستشعرا حبه في نفوسهم، ليلاطفهم حتى في عارضه الصحي بما يخفف قلقهم ويزيل مخاوفهم. ظل خادم الحرمين الشريفين يحيط أمته بتفاصيل عارضه الصحي؛ لأنه يحبهم ويعلم يقينا أن مكانه في نفوسهم يستدعي أن يخاطبهم، كما يخاطب الأب أبناءه البررة، حتى جاء بيان الديوان الملكي متضمنا تفاصيل العملية الجراحية: ''سحب التجمع الدموي، وتعديل الانزلاق الغضروفي، وتثبيت الفقرة المصابة''. ليتباشر الناس بنجاح العملية داعين له بالصحة والسلامة.
المشاعر الصادقة تصنعها حقائق الأفعال، لا بليغ الأقوال؛ حيث عَمر خادم الحرمين الشريفين علاقته بشعبه بالصدق، ترجلت أفعاله وكلماته وصراحته من مجلس الحكم المهيب لتحتضن الناس في كل ركن من أركان هذا الوطن. ''سحب'' قائدنا من نفوس المتشككين ما كان يرين على قلوبهم حيال قدرتنا على مواجهة التحديات مهما كانت. كان ولا يزال الإرهاب يحاول تكفيرا وتفجيرا، أن يطل على أمتنا ليختطف مكانتنا ووسطيتنا إلى زوايا الجهل، إلا أن كلماته في محاربة هذا الفكر، مهما طال أمده، قطعت على كل النفوس المريضة فرص النجاح. علِم المتشككون أن من بسط سجادة العفو ليجلس عليها التائبون، لن تعجزه مواجهة المارقين عن طريق الحق.
وكان همّ خادم الحرمين الشريفين، أن تسير التنمية في كل اتجاه؛ فتلمس بنفسه إخفاقاتها هنا أو هناك. كانت زياراته لكل مناطق المملكة ''تعديلا'' لما يصيب مسار التنمية من اعوجاج في التخطيط أو التنفيذ. ثم ها هو برنامجه للابتعاث الخارجي نقطة تحول جديدة في الاستثمار طويل الأمد في شباب الوطن بلا استثناء. ويقابل ذلك توسع التعليم العالي في كل مناطق المملكة؛ ليحظى جميع أبناء الوطن بفرصة مواصلة دراستهم الجامعية في مدنهم. التنمية تنفذها الخطط، ولكن لا بد لها من الرؤية والإرادة السياسية؛ ولذا قال خادم الحرمين الشريفين عندما تسلم تقرير مؤسسة النقد العربي السعودي لهذا العام: ''ومع هذا كله لسنا قانعين بالذي عملناه إلى الآن، وإن شاء الله الأيام المقبلة تبشر بخير''. هذه هي وقود خطط التنمية، وعلى المنفذين ترجمتها.
وشهد العالم ومنطقتنا العربية في السنوات القليلة الماضية أحداثا وتحولات لعل أهمها تنامي خطر الإرهاب، والغزو الأمريكي للعراق وتداعياته، والأزمة المالية، وما يدور في لبنان وفلسطين. ظروف وتقلبات ليست المملكة في منأى عنها لأن ثقلها السياسي والاقتصادي وكونها قبل ذلك قبلة العالم الإسلامي، يجعلها دائما محط الأنظار، وقد كانت سياسات ومبادرات خادم الحرمين الشريفين ''تثبيتا'' لمكانة المملكة ودورها على كل صعيد.
ليس غريبا في موازين السياسة أن يتساءل الناس ويهتموا بصحة قادتهم وما قد يعترضها من عوارض، غير أن مشاعر شعبنا الوفي حيال قيادته في مثل هذه الظروف لا تقيسها استطلاعات الرأي ولا صناديق الاقتراع؛ إنها شعور عفوي مقرون بالحب والوفاء.
حقا لقد بات الملك الإنسان عبد الله بن عبد العزيز، في نفس كل مواطن شعورا بالأمل والطمأنينة؛ حيث ما من أمة تخطو إلى منازل العزة؛ إلا ويقودها صادق يجتمع الناس على حبه. حفظ الله هذا الوطن وقيادته من كل مكروه.